الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قصدت المبالغة في كثرة الاتصال، ولم تقصد العدد، فالظاهر -والله أعلم- أنك لا تحنث إذا كنت اتصلت به مرات كثيرة، ولو لم تصل إلى عشرين مرة، كما لا تحنث إذا كنت حلفت مغلوبًا على عقلك، غير مدرك لما تقول بسبب شدة الغضب، فلا يترتب على هذه اليمين شيء، أما إذا كنت حلفت مدركًا غير مغلوب على عقلك، قاصدًا العدد، وكنت ظانًا صدق نفسك فيما حلفت عليه، ثم تبين خلافه، ففي حصول الحنث خلاف بين أهل العلم، والراجح عندنا عدم الحنث، فقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أنّ هذا من لغو اليمين، شأنه شأن اليمين بالله.
قال في مجموع الفتاوى: وهذا دليل يتناول الطلاق، وغيره، إما من جهة العموم المعنوي، أو المعنوي واللفظي .........ومن قال: لا لغو في الطلاق، فلا حجة معه. اهـ.
وفي فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز –رحمه الله-: إذا طلّق الإنسان على شيء يعتقد أنه فعله، فإن الطلاق لا يقع، فإذا قال: عليه الطلاق أنه أرسل كذا وكذا، ظانًّا معتقدًا أنه أرسله، ثم بان أنه ما أرسله، أو بان أنه ناقص، فالطلاق لا يقع في هذه الحال، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء، وهكذا لو قال: عليّ الطلاق إن رأيت زيدًا، أو عليّ الطلاق إن زيدًا قد قدم، أو مات وهو يظن ويعتقد أنه مصيب، ثم بان له أنه غلطان، وأن هذا الذي قدم أو مات، ليس هو الرجل الذي أخبر عنه، فإن طلاقه لا يقع؛ لأنه في حكم اليمين اللاغية، يعني في حكم لغو اليمين، يعني ما تعمّد الباطل، إنما قال ذلك ظنًّا منه. اهـ.
وتراجع الفتوى رقم: 20149، والفتوى رقم: 215386.
وننبه إلى أن الحلف بالحرام والطلاق غير جائز، والحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفًا فليحلف بالله، أو ليصمت. رواه البخاري.
والله أعلم.