الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ورد إلينا منك سؤال سابق من جنس أسئلة الشبهات، ومثل هذه القضايا لا ينبني عليها عمل، فالأولى بالمرأة المسلمة أن تصرف همتها إلى ما ينفعها من أمر دينها ودنياها، وإذا رغبت في السؤال أن تسأل عما وراءه عمل.
قال ابن القيم في إعلام الموقعين: إنما كانوا ـ رضي الله عنهم ـ يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عما ينفعهم من الواقعات، ولم يكونوا يسألونه عن المقدرات، والأغلوطات، وعضل المسائل، ولم يكونوا يشتغلون بتفريع المسائل وتوليدها، بل كانت هممهم مقصورة على تنفيذ ما أمرهم به، فإذا وقع بهم أمر سألوا عنه فأجابهم. اهـ.
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: ... فالذي يتعين على المسلم الاعتناء به، والاهتمام أن يبحث عما جاء عن الله، ورسوله صلى الله عليه وسلم، ثم يجتهد في فهم ذلك، والوقوف على معانيه، ثم يشتغل بالتصديق بذلك إن كان من الأمور العلمية، وإن كان من الأمور العملية بذل وسعه في الاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر، واجتناب ما ينهى عنه، وتكون همته مصروفة بالكلية إلى ذلك، لا إلى غيره، وهكذا كان حال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين لهم بإحسان في طلب العلم النافع من الكتاب، والسنة... اهـ.
ومما ينبغي التنبيه عليه هو أن أمور الآخرة لا تقاس على أمور الدنيا، فالفرق بينهما كبير، والأحوال في الكون، والأنفس تتغير. يدل على ذلك ما رواه أحمد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف: صنف مشاة، وصنف ركبان، وصنف على وجوههم. فقالوا: يا رسول الله، وكيف يمشون على وجوههم؟ قال: إن الذي أمشاهم على أرجلهم، قادر على أن يمشيهم على وجوههم، أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب، وشوك. فهم قد استغربوا أن يحدث ما لم يعهدوه في الدنيا، فأخبرهم أن حال الآخرة غير حال الدنيا.
فإذا كانت المرأة تغار على زوجها في الدنيا أن يتزوج عليها غيرها، فذلك منتف في الآخرة، فيمكن أن يكون لعلي رضي الله عنه أزواج في الجنة -غير فاطمة رضي الله عنها مع أنها كانت لا ترتضي ذلك في الدنيا؛ ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 163241 وهي عن شبهة حول منع علي من الزواج على فاطمة والرد عليها.
وبخصوص جمع عثمان رضي الله عنه بين الأختين في الجنة فهذا ممكن، فالجنة ليست دار تكليف، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 230077.
والله أعلم.