الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوصية للمعدوم مختلف في صحتها بين أهل العلم، فذهب الجمهور في المشهور من مذاهبهم إلى عدم صحتها، وقيل تصح جاء في الموسوعة الفقهية: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمُوصَى لَهُ مَوْجُودًا ـ حِينَ الْوَصِيَّةِ ـ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأْوَّل: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُوصَى لَهُ مَوْجُودًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا لاَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأْصَحِّ، وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ، وَعَلَى هَذَا إِذَا قَال: وْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي لِمَا فِي بَطْنِ فُلاَنَةَ، فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا حَال الْوَصِيَّةِ صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ، وَإِلاَّ فَلاَ...
الْقَوْل الثَّانِي: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأْصَحِّ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ كَوْنُ الْمُوصَى لَهُ مَوْجُودًا حَال الْوَصِيَّةِ، وَعَلَى ذَلِكَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِمَنْ سَيَكُونُ مِنْ حَمْلٍ مَوْجُودٍ، أَوْ سَيُوجَدُ، فَيَسْتَحِقُّهُ إِنِ اسْتَهَل صَارِخًا. اهـ.
وعلى القول بصحتها، فإن السبيل في تنفيذها يكون كالتالي: جاء في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك لعليش المالكي: وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْإِيصَاءِ لِمَنْ سَيُولَدُ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ: فَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْمُخْتَصَرِ فِي أَوَّلِ بَابِ الْوَصِيَّةِ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنْ يُوقَفَ الْمُوصَى بِهِ لِلْإِيَاسِ، وَهُوَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِمَوْتِ الْوَالِدِ ثُمَّ يُنْظَرُ، فَإِنْ لَمْ يُولَدْ لَهُ، أَوْ وُلِدَ وَلَمْ يَسْتَهِلَّ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَرَجَعَتْ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي، وَإِنْ وُلِدَ وَلَدٌ اسْتَهَلَّ صَارِخًا اسْتَحَقَّ الْوَصِيَّةَ، وَقُسِمَتْ عَلَى عَدَدِهِمْ إنْ تَعَدَّدُوا، إلَّا أَنْ يَنُصَّ الْمُوصِي عَلَى تَفْضِيلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَمَنْ مَاتَ مِنْ الْأَوْلَادِ الْمُسْتَهِلِّينَ قَبْلَ الْإِيَاسِ فَنَصِيبُهُ لِوَارِثِهِ. اهـ.
والله أعلم.