الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبق وأن أوضحنا أنه لا ينبغي للولي أن يرفض خاطبا ملتزما بالشرع؛ فراجع الفتوى رقم: 998.
وعلى الولي أن يعلم أن بناته أمانة عنده، وأنه من الوفاء في هذه الأمانة، ومن النصح أن يختار للواحدة منهن من هو مستقيم بالشرع، يغلب على الظن أن تعيش معه في سعادة. فإن حاد عن هذا الطريق، كان خائنا لهذه الأمانة، وغاشا.
روى البخاري ومسلم عن معقل بن يسار المزني -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة. وهذا لفظ مسلم. ولفظ البخاري: فلم يحطها بنصحه، إلا لم يجد رائحة الجنة.
هذا بالإضافة إلى أنه يفوت على نفسه، وبناته خيرا كثيرا؛ ففي مسند أحمد وسنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عال ثلاث بنات، فأدبهن، وزوجهن، وأحسن إليهن، فله الجنة.
فالأولى السعي في إقناع الولي في ضوء ما ذكرنا، ويمكن التوسط إليه ببعض الفضلاء، والصالحين، والمقربين إليه من الناس، مع سؤال الله تعالى أن يلهمه رشده. فإن استجاب، فذاك، وإلا كان للبنت أن ترفع الأمر إلى القاضي الشرعي. فإن ثبت عنده العضل، زوجها، أو أمر وليها الأبعد بتزويجها. وأما أن تأمر أي شخص آخر بتزويجها، فلا.
وهذا من جهتها هي.
وأما من جهتك أنت، فإن لم يتيسر زواجك منها، فابحث عن غيرها، وعسى الله أن يرزقك زوجة صالحة خيرا منها، ولا تتحسر على ما قد يفوتك؛ فقد قال الله تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
والله أعلم.