الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان غالب الظن أن الشلل الذي أصاب الطفل كان بسبب خطأ الطبيب في هذه الحقنة، وحكم بذلك المتخصصون، فإن ضمان ذلك يثبت على الطبيب، وكون ذلك وقع خطأ من غير عمد، يرتفع به الإثم والمؤاخذة في الآخرة، وأما الضمان فلا، فيضمن الطبيب ما ترتب على خطأ يده في عمله، وإن كان غير مؤاخذ بذنبه، ففرق بين التأثيم والتضمين، وقد سبق لنا تفصيل ما يترتب على خطأ الطبيب في الفتوى رقم: 5852.
ولا يجوز للطبيب أن ينكر ما هو واقع، أو يشهد بغير ما يعتقد، هروبًا من المسؤولية.
وفي حال وجوب الضمان، يكون من مال الطبيب نفسه في ما قيمته دون ثلث الدية، فإذا بلغ ثلث الدية فما فوق، كان من بيت المال، أو من عاقلة الطبيب، على خلاف بين أهل العلم في ذلك؛ وراجع الفتويين: 65597، 178921.
وفي حال شلل إحدى اليدين، وذهاب منفعتها، يجب نصف الدية.
قال السرخسي في المبسوط: وكذلك اليد إذا شلت حتى لا ينتفع بها، ففيها أرشها كاملا. اهـ.
وقال النووي في المجموع: إن جنى على كفه فشلت، وجبت عليه ديتها؛ لأنه قد أذهب منفعتها، فهو كما لو قطعها. اهـ.
وقال الكلوذاني في الهداية على مذهب الإمام أحمد: في اليدين الدية، وفي أحدهما نصف الدية، فإن ضربه فشلتا، وجب كمال الدية. اهـ.
وكذلك الحال إن أصاب الشلل إحدى الرجلين.
وليس لوالد هذا الطفل، ولا غيره المطالبة بما يزيد على مقدار الدية الشرعية، ولا يلزم الجاني، ولا عاقلته أن يبذلوا ما زاد عليها، ومقدار الدية كاملة بالعملات المعاصرة ما يساوي قيمة 4250 جرامًا من الذهب تقريبًا؛ لأن الدية ألف دينار، والدينار: أربعة جرامات وربع من الذهب، وراجع في تفصيل ذلك الفتويين: 14696، 59987.
والواجب في حال شلل إحدى اليدين، أو الرجلين وذهاب منفعتهما: نصف هذه القيمة.
وأما كون والد الطفل سكيرًا أو فاسقًا، فهذا لا يسقط حقه، أو حقه ولده، وهذا المال إنما يجب للصغير، لا لوالده، ويجب على الوليّ أن يتصرف فيه بحسب مصلحة الصغير.
جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن الولي يتصرف وجوبًا في مال الصغير بمقتضى المصلحة، وعدم الضرر. اهـ.
والله أعلم.