الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالتعدد مباح شرعا لمن كان قادرا على العدل، ويجب إذا كان الزوج لا تعفه زوجته الأولى، ويخشى على نفسه الفتنة؛ وانظر الفتوى رقم: 9451 ، والفتوى رقم: 3011.
ومن حق الزوجة أن تطلب من زوجها العدل بينها وبين زوجته الأخرى - إن لم يفعل - وليس لها أن تجعل زواجه من غيرها سببا لإيذائه، والاعتداء عليه، أو تنكيد حياته، فأذية المسلم عموما محرمة، والزوج أولى؛ قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}. وروى مسلم عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه.
والعدل بين الزوجتين هو الأصل، فيجب على الزوج أن يعطي زوجته حقها ما كانت مستقيمة، ولكن إذا تعالت على زوجها وأبت أن تطيعه في المعروف كانت ناشزا، والناشز يسقط حقها في المبيت، والنفقة. وإذا تنازلت المرأة طواعية عن شيء من حقها فلها ذلك، وكذلك إذا تنازلت خشية أن يطلقها، ولها الرجوع عن تنازلها.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (وللواهبة أن ترجع) في هبتها متى شاءت، ويعود حقها في المستقبل؛ لأن المستقبل هبة لم تقبض (فيخرج) بعد رجوعها من عند الموهوب لها (فورا) ولو في أثناء الليل، والتصريح بالفورية من زيادته (ولا ترجع في الماضي) كسائر الهبات المقبوضة (ولا قضاء) عليه (لما قبل العلم بالرجوع) لأنه إذا لم يعلم لم يظهر منه ميل. انتهى.
وفي الختام ننصح بالاجتهاد في جعل الأمور سائرة على وجهها الاعتيادي؛ لتهنأ الأسرة بالاستقرار، والراحة النفسية، ولينشأ الأولاد نشأة صالحة بعيدا عن العصبية، والتشنج، والمشاكل بين الزوجين.
والله أعلم.