الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس البحث في الأمور الظاهرة، وتتبع الأخبار المعلنة من التجسس المنهي عنه، فإن هذا يكون في الأمور الخفية الباطنة، ويقصد به الشر، قال الخطابي في غريب الحديث، والحميدي في تفسير غريب الصحيحين، وابن الجوزي في غريب الحديث: التجسس البحث عن باطن أمور الناس، وأكثر ما يقال ذلك في الشر. اهـ
وبالنسبة لأمور المعاش، فلا يزال الناس يقلد بعضهم بعضًا، ويتبع بعضهم أثر بعض في سبل التجارة والكسب، فليس من المستغرب أو المستنكر أن يبحث التجار عن أسباب نجاح أصحابهم ممن يشاركونهم في مجالهم؛ لينتفعوا بخبرتهم، ويستفيدوا من تجاربهم، فهذا مما لا حرج فيه، ما دام منضبطًا بأحكام الشرع وحدوده، كتلك التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث: لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا ـ ويشير إلى صدره ثلاث مرات ـ بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه. رواه البخاري ومسلم، واللفظ له.
وعلى ذلك، فجمع المعلومات التي ذكرها السائل وسماه: التجسس التجاري، لا حرج فيه، ما دام في الأمور الظاهرة المعلنة، بغرض الانتفاع والمنافسة الشريفة، ولم يحصل بسببه انتهاك للخصوصية، ولا تعد على الحقوق الناس.
والله أعلم.