الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك أولا على حرصك على العفاف وغض البصر عما حرم الله تعالى، فنسأل الله أن يجزيك على ذلك خيرا، ونوصيك بالدعاء فهو من خير ما تيسر به الأمور وتتقى به الشرور، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
ومن أفضل الأدعية التي تناسب المقام الذي أنت فيه ما رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
وما رواه أحمد وأبو داود عن نفيع بن الحارث ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت.
وينبغي أن تحرص أيضا على الرقية الشرعية، فلا يبعد أن يكون هذا تسلطا من الشيطان ليفسد عليك دينك، وإذا رأيت من نفسك حاجة لمقابلة أحد الثقات من المختصين في طب النفس فلا بأس بأن تلجأ إلى ذلك، ومجرد هذه الميول التي لا يد لك فيها لا تأثم بسببها، ولا تضرك هذه الخواطر ـ إن شاء الله ـ ما دمت تقوم بمدافعتها، وما ذكرت من أمر زيارة أهلك وما يمكن أن يحدث من ارتباك عند رؤية بناتهم فاجتهد في هذه الحالة في الاستعانة بذكر الله تعالى، ففيه قوة للقلب وطمأنينة للنفس، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {الأنفال:45}.
فأمر به عند الشدائد، وقال: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.
وأما تفكيرك فيما يمكن أن يكون منك مع بناتك في المستقبل: فاسترسال في الأوهام لا داعي له، وهو قد يضرك ولا ينفعك، ونرجو أن تحرص على المسارعة إلى الزواج، فقد يكون سببا في ذهاب كل هذه المشاعر التي تحس بها، ولا شك في أن المسلم مطالب في أن يكون هواه تبعا لما جاء به الشرع، وأن عليه أن يجتنب ما يضاد ذلك، والحديث الذي أشرت إليه رواه البغوي في شرح السنة عن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به.
وهنالك خلاف في تصحيحه وتضعيفه، ومعناه صحيح كما أسلفنا.
والله أعلم.