الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا الرجل الذي اشترى الأرض الموقوفة من الدولة الظالمة، الغاصبة لها، أساء إساءة عظيمة، وأسرف على نفسه بشرائه لها وهو يعلم حالها، وامتناع الناس من شرائها بسبب اعتداء الدولة عليها؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من غصب شبرا من الأرض ظلما، طوقه يوم القيامة من سبع أرضين.
والآخذ من الغاصب، أو السارق، أو المعتدي مثلهم ما دام يعلم أنهم قد اعتدوا على حق غيرهم.
قال عليش في فتاويه: مسألة في معاملة أصحاب الحرام, وينقسم مالهم قسمين:
أحدهما: أن يكون الحرام قائما بعينه عند الغاصب، أو السارق أو شبه ذلك، فلا يحل شراؤه منه, ولا البيع به إن كان عينا, ولا أكله إن كان طعاما, ولا لباسه إن كان ثوبا, ولا قبول شيء من ذلك هبة, ولا أخذه في دين, ومن فعل شيئا من ذلك فهو كالغاصب بكون الحرام قد فات في يده, ولزم ذمته. اهـ.
وعليه، فالواجب نصح الرجل، وتذكيره بوجوب التوبة إلى الله تعالى، ورد هذه الأرض لمن يقوم عليها من المسؤولين عن الوقف بحيث تعود وقفا كما كانت. وإذا استطاع استخلاص ماله من الجهة التي أخذته، فبها ونعمت، وإلا فليصدق في توبته، ولعل الله يعوضه خيرا مما فاته؛ لقوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا {الطلاق:2}، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:3}.
والله أعلم.