الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في قضاء المصلح بين الزوجين المطلقين بتنازل المرأة عن شيء من صداقها، ما دامت نفسها طيبة بذلك، لأن ملكية المهر حق خالص لها، قال تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا {النساء:4}، وقال ابن قدامة في الإبراء: وهو أن يعترف له بدين في ذمته، فيقول: قد أبرأتك من نصفه أو جزء معين منه، فأعطني ما بقي. فيصح إذا كانت البراءة مطلقة من غير شرط. اهـ المغني.
وإذا وكلت المطلقة أباها أو غيره في إبراء المطلق من بعض مؤخر المهر أو فوضت إليه تقدير ذلك البعض صح الإبراء، فتبرأ ذمة المطلق ببذل باقي المؤخر إلى مطلقته. قال الشيخ مرعي كرمي عن الوكالة: وتصح في بيع ماله كله أو ما شاء منه، وبالمطالبة بحقوقه كلها، وبالإبراء منها كلها، أو ما شاء منها .اهـ من دليل الطالب.
وعليه، فإذا ثبت توكيل المطلقة لأبيها، فإن المطلق تبرأ ذمته بدفع الثمانية آلاف دينار التي طلبها الوكيل، ولا يجب عليه بعد ذلك بذل باقي المؤخر، لأنه أدى ما اتفق عليه.
ولكن لو رغب الزوج في سلوك سبيل الورع ببذل الثلث الباقي من مؤخر الصداق فلا حرج عليه في ذلك، وأولى من هذا قطع الشك بسؤال المطلقة أو وليها عن استيفاء حقها إن تيسر ذلك، فإذا ثبت الوفاء وبرئت الذمة فالحكمة وضع المال حيث كان الناس إليه أحوج، والنفع به أعم.
والله أعلم.