الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت لا تتذكرين أنك قد أرجعت هذا الكيس، فالأصل بقاؤه في يدك، وهو أمانة عندك، والأمانة إنما تضمن بالتفريط فيها أو التعدي، وإذا ضاعت من غير تعد ولا تفريط من المودَع فلا ضمان فيها، لما روى البيهقي في سننه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس على المستودع ضمان.
وجاء في أسنى المطالب: قال ابن القاص وغيره: كل مال تلف من يد أمين من غير تعد لا ضمان عليه. انتهى.
فإذا كان إصرار أهلك على الأكل من الحلوى مجرد إلحاح وليس جبرا لك على الفعل، فهذا لا ينفي عنك وصف التفريط في حفظ الأمانة وبالتالي يلزمك ضمانها، وأما إذا كان إصرار أهلك على الأكل تعنين به أنهم أكلوها غصبا وقهرا، ولم يكن لك حيلة في منعهم، فالضمان إنما يلزمهم ولا شيء عليك، جاء في الموسوعة الفقهية ما يلي: الإهمال في الأمانات إذا أدى إلى هلاكها أو ضياعها يوجب الضمان, سواء أكان أمانة بقصد الاستحفاظ كالوديعة, أم كان أمانة ضمن عقد كالمأجور, أم كان بطريق الأمانة بدون عقد ولا قصد, كما لو ألقت الريح في دار أحد ثوب جاره، فالعين المودعة ـ مثلا ـ الأصل فيها أن تكون أمانة في يد الوديع, فإن تلفت من غير تعد منه ولا إهمال لم يضمن، لأن الأمين لا يضمن إلا بالتعدي أو الإهمال، لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس على المستعير غير المغل ضمان, ولا على المستودع غير المغل ضمان. انتهى.
والواجب على من كان عليه حق أن يقضيه لصاحبه إلا أن يستحله منه، وإذا لم يمكنه الوصول إلى صاحبه لعدم وجوده بعد البحث والتحري عنه بما لا يدع مجالا لاحتمال الوصول إليه تصدق به عن صاحبه، فإن وصل إليه بعد ذلك خيره بين أن يرضى بما فعل وأجر الصدقة له ـ أي لصاحب المال ـ وبين أن يرد إليه حقه، وينصرف ثواب الصدقة إليه ـ أي إلى من عليه الحق ـ وأما من ناحية الإثم: فإن كنت قد أخذت الأمانة قبل البلوغ: فلا إثم عليك ولو مع التفريط والإهمال، فقد روى أحمد وأصحاب السنن من حديث علي وعائشة ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 4603، 62992، 127466.
والله أعلم.