الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
يقول الله تعالى في محكم كتابه: وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون [الأعراف:204]أي إذا قرئ القرآن الكريم فأصغوا إليه أسماعكم لتفهموا آياته وتتعظوا بمواعظه، وأنصتوا له عن الكلام مع السكون والخشوع لتعقلوه ، وتتوصلوا بذلك إلى رحمة الله بسبب فهمه، والاتعاظ بمواعظه، فإنه لا يفعل ذلك إلا المخلصون الذين استنارت قلوبهم بنور الإيمان، قال صاحب كتاب التفسير المنير ج:9/ص:229 وهذه الآية تدل على وجوب الاستماع والإنصات للقرآن سواء أكانت التلاوة في المصحف أم خارجها، وهي عامة في جميع الأوضاع، وكل الأحوال، ويتأكد ذلك في الصلاة المكتوبة إذا جهر الإمام بالقراءة، كما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا ." وهذا هو المروي عن الحسن البصري.
لكن الجمهور رخصوا وجوب الاستماع والإنصات لقراءة الرسول صلى الله عليه وسلم في عهده وبقراءة الصلاة والخطبة من بعده يوم الجمعة لأن إيجاب الاستماع والإنصات في غير الصلاة والخطبة فيه حرج عظيم إذ يقتضي ترك الأعمال.
وأما ترك الاستماع والإنصات للقرآن المتلو في المحافل فمكروه كراهة شديدة، وعلى المؤمن أن يحرص على استماع القرآن عند قراءته، كما يحرص على تلاوته والتأدب في مجلس التلاوة.انتهى.
وإذا كان عدة أشخاص في المسجد يقرأون القرآن ورفع أحدهم صوته، فلا يلزم البقية الاستماع والإنصات له، ولهم أن يواصلوا قراءتهم وأدعيتهم.
وهناك فرق بين الاستماع والسماع، فالاستماع لا يحصل إلا بقصد ونية، والسماع يحصل بغير قصد، ولكن إذا كان هناك من يصلي في المسجد، فلا ينبغي لمن يقرأ القرآن أن يرفع صوته بالتلاوة لئلا يشوش على من يصلي.
والله الموفق.