الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الوالدة لا تتأذى بعدم زيارتك لها، ولا تحتاج إليك في رعايتها، فلا يعتبر عدم زيارتك لها من العقوق - إن شاء الله -، لا سيما وأنها راضية عنك كما ذكرت. فقد عرف الحافظ ابن حجر العسقلاني عقوق الوالد لوالديه بـ:"أن يحصل لهما أو لأحدهما أذى ليس بالهين عُرفًا ".
وصلة الأم لا تتحتم أن تكون بالزيارة ، بل تحصل بكل ما تحصل به الصلة في عرف الناس وتنتفي معه القطيعة ، ومن ذلك التواصل عبر وسائل الاتصال الحديثة التي منّ الله بها علينا، لا سيما التي تجمع بين الصوت والصورة. وينظر تقرير مرجعية العرف في تحديد الصلة الواجبة للأرحام في الفتوى رقم : 245188.
وفي خصوص الداء العضال المذكور، فإن كان من العيوب التي تضر بالمرأة، وتمنع معاشرتها بالمعروف ـ كما يفهم من كلام السائل ـ فإنه في هذه الحالة إذا لم يخش الوقوع في الزنا، فإن النكاح يحرم عليه.
جاء في الموسوعة الفقهية في بيان حرمة النكاح في هذه الحالة: وَيَكُونُ حَرَامًا : إذَا كَانَ الْمَرْءُ فِي حَالَةٍ يَتَيَقَّنُ فِيهَا عَدَمَ الْقِيَامِ بِأُمُورِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْإِضْرَارَ بِالْمَرْأَةِ إذَا هُوَ تَزَوَّجَ. اهـ
وقد بينا هذا الحكم بشيء من التفصيل في فتاوى سابقة، ولك مراجعة فتوانا رقم: 124296 بعنوان: قد يكون الزواج حراما.
وإذا كان الزواج حراما في حق السائل فإنه لا يكون عاقا بتركه عندئذ، لأنه لا طاعة للوالدين في ارتكاب الحرام، والطاعة مقيدة بالمعروف ، قال النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : إنما الطاعة في المعروف . متفق عليه.
والله أعلم.