الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغيبة محرمة باتفاق المسلمين، وقد عدها كثير من أهل العلم في الكبائر، وانظر الفتوى رقم: 150111، وتوابعها.
وراجع في التوبة من الغيبة الفتويين رقم: 12890، ورقم: 36984.
وقد بينا في الفتوى رقم: 122380، أن المراد في الأحاديث التي فيها تكفير الذنوب، تكفير الصغائر لا الكبائر، فالكبائر لا يكفرها إلا التوبة.
وقد بين هذه المسألة الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم، وذكر الخلاف، ثم ذكر خلافاً في ليلة القدر بخصوصها فقال: ووقع مثلُه في كلام ابن المنذر في قيام ليلة القدر، قال: يُرجى لمن قامها أنْ يغفر له جميع ذنوبه صغيرها وكبيرها ثم قال: والصَّحيح قول الجمهور: إنَّ الكبائر لا تُكفَّرُ بدون التوبة، لأنَّ التوبة فرضٌ على العباد، وقد قال عز وجل: وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الحجرات: 11} وقد فسرت الصحابة كعمر وعلي وابن مسعود التوبة بالندم، ومنهم من فسَّرها بالعزم على أنْ لا يعود، وقد روي ذلك مرفوعاً من وجه فيه ضعفٌ، لكن لا يعلم مخالفٌ من الصحابة في هذا وكذلك التابعون ومَنْ بعدهم، كعمر بن عبد العزيز، والحسن وغيرهما. وتوسع في الاستدلال على هذا.
وعلى هذا، فلا بد للمغتاب من أن يتوب من غيبته، وإلا فقد لا تُغفر له غيبته، وأما صغائره فيُرجى لها المغفرة.
والله أعلم.