حكم كون أجرة الدلال نسبة ومستمرة

7-9-2014 | إسلام ويب

السؤال:
‏ دلني أحد الأشخاص، على عميل، ‏وطلب مني بالمقابل 5% نسبة عن ‏كل بيعة أعملها مع العميل، العميل ‏طبعا لا يعرف أن هذا الشخص يأخذ ‏‏5%، أنا الآن أشعر بالظلم الواقع ‏علي بسبب هذا الأمر، ولا أريد ‏الاستمرار فيه.‏
‏ كلمت الشخص، وقال لي إن هذا ‏اتفاق، ولن أسامحك في الدنيا والآخرة، ‏هكذا، يريد أن يحصل على 5% ‏دائما، والآن أصبح الوضع على هذا ‏الحال منذ قرابة العام، ولا أريد ‏الاستمرار.‏
‏ هل علي حرج إن توقفت؟
‏ جزاكم الله خيرا.‏

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على ‏رسول الله وعلى آله، وصحبه، أما ‏بعد:‏

 فهذه المعاملة لا تصح من أساسها ‏عند أكثر أهل العلم؛ لأن عمولة ‏الدلال إذا كانت نسبة، ولم تكن مبلغا ‏مقطوعا، فجمهور أهل العلم لا ‏يجيزون ذلك؛ لجهالة الجعل، وأما ‏الحنابلة فمنهم من يجوز الجعالة مع ‏جهالة الجعل، إذا كانت الجهالة لا ‏تفضي إلى نزاع، وبالتالي لا تمنع ‏التسليم.‏ ‏

 قال ابن قدامة في المغني: يحتمل ‏أن تجوز الجعالة مع جهالة العوض، ‏إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم، ‏نحو أن يقول: من رد عبدي الآبق، ‏فله نصفه، ومن رد ضالتي، فله ‏ثلثها ... فأما إن كانت الجهالة تمنع ‏التسليم، لم تصح الجعالة، وجها ‏واحدا. اهـ.

 وقال المرداوي في الإنصاف: إذا ‏كانت الجهالة تمنع التسليم: لم تصح ‏الجعالة. قولا واحدا. ويستحق أجرة ‏المثل مطلقا. كذا إن كانت لا تمنع ‏التسليم على المذهب، كما تقدم. وله ‏أجرة المثل. اهـ.

أي القدر الذي ‏يعطى في العادة لمن يقوم بمثل هذا ‏العمل.

وهذا الخلاف إنما يجري في البيعة ‏الأولى؛ لوجود عمل من الدلال فيها، ‏وأما ما بعد ذلك من المبايعات مع ‏ذلك العميل، فلا يستحق فيها الدلال ‏شيئا؛ لعدم وجود عمل منه، فإن أخذ ‏شيئا عن غير طيب نفس من الدافع، ‏كان من أكل أموال الناس بالباطل، ‏وقد قال الله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ ‏بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة: 188]. وقال ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل ‏المسلم على المسلم حرام دمه، ‏وماله، وعرضه. رواه مسلم.‏ ‏

فينبغي أن ينظر من يأخذ شيئا من ‏مال امرئ مسلم، بأي شيء يستحل ‏هذا المال؟ كما أشار إليه قول النبي ‏صلى الله عليه وسلم: بم تستحل مال ‏أخيك. رواه البخاري، ومسلم. ‏

 وجاء في الموسوعة الفقهية: لا ‏يستحق الربح إلا بالمال، أو العمل، ‏أو الضمان؛ فهو يستحق بالمال؛ لأنه ‏نماؤه، فيكون لمالكه. ومن هنا ‏استحقه رب المال في ربح ‏المضاربة. وهو يستحق بالعمل حين ‏يكون العمل سببه، كنصيب المضارب ‏في ربح المضاربة اعتبارا بالإجارة. ‏ويستحق بالضمان كما في شركة ‏الوجوه، لقوله صلوات الله وسلامه ‏عليه: "الخراج بالضمان" أو "الغلة ‏بالضمان". أي من ضمن شيئا فله ‏غلته ...

فإذا لم يوجد أحد هذه ‏الأسباب الثلاثة التي لا يستحق الربح ‏إلا بواحد منها، لم يكن ثم سبيل إليه. ‏ولذا لا يستقيم أن يقول شخص ‏لآخر: تصرف في مالك على أن ‏يكون الربح لي. أو على أن يكون ‏الربح بيننا. فإن هذا عبث من العبث ‏عند جميع أهل الفقه، والربح كله ‏لرب المال دون مزاحم. اهـ.

  فإن اشترط الدلال عمولة على شيء ‏لم يعمل فيه، كان هذا الشرط مما ‏ليس في كتاب الله فيبطل، وقد قال ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ‏بال رجال يشترطون شروطا ليست ‏في كتاب الله! ما كان من شرط ليس ‏في كتاب الله، فهو باطل، وإن كان ‏مائة شرط. رواه البخاري، ومسلم.

ولذلك سبق أن نبهنا في ما يعرف ‏بالتسوق الشبكي، على أن أخذ ‏العمولة من كل بيعة، بيعت بها ‏السلعة، بعد البيع الأول، لمجرد أنه ‏دل المشتري الذي بعده، لا وجه ‏لجوازه؛ لأنه لم يبذل جهدا بعد ‏العملية الأولى التي أخذ أجرها أصلا؛ ‏وانظر الفتوى رقم: 78031.

والله أعلم.‏

www.islamweb.net