الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: لا تطالب المرأة الحائض أن تتفقد نفسها ليلا هل طهرت أم لا؟ وإنما تفعل ذلك عند النوم وعند صلاة الصبح، قال المواق المالكي في التاج والإكليل على مختصر خليل: وَلَيْسَ عَلَيْهَا نَظَرُ طُهْرِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ، بَلْ عِنْدَ النَّوْمِ وَالصُّبْحِ ـ الْبَاجِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَتَفَقَّدَ طُهْرَهَا بِاللَّيْلِ وَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ مَصَابِيحُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ إذَا أَرَادَتْ النَّوْمَ أَوْ قَامَتْ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، وَعَلَيْهِنَّ أَنْ يَنْظُرْنَ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ، وَنَحْوِ هَذَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَزَادَ: وَلَيْسَ مِنْ تَفَقُّدِ طُهْرِهَا يَعْنِي بِاللَّيْلِ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ... فَإِنْ اسْتَيْقَظَتْ بَعْدَ الْفَجْرِ وَهِيَ طَاهِرٌ فَلَمْ تَدْرِ لَعَلَّ طُهْرَهَا كَانَ مِنْ اللَّيْلِ حَمَلَتْ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ عَلَى مَا قَامَتْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا قَضَاءُ صَلَاةِ اللَّيْلِ حَتَّى تُوقِنَ أَنَّهَا طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ. اهــ.
والأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته، فحيث رأيت الصفرة صباحا، فالأصل أنها نزلت في هذا الوقت، لا في الليل، فإن حصل الجفاف بعدها فقد طهرت، ومن المعلوم أن الطهر يعرف بإحدى علامتين متى رأتهما المرأة حُكِمَ بأنها طهرت، أولهما: القصة البيضاء وهي ماء أبيض يشبه ماء الجص أو ماء العجين أو المني، ويختلف هذا باعتبار النساء وأسنانهن، وباختلاف الفصول والبلدان والطباع، وغالب ما يذكره النساء شبه المني، والعلامة الثانية: الجفوف ومعناه أَنْ تُدْخِلَ الْخِرْقَةَ فَتُخْرِجَهَا جَافَّةً لَيْسَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ الدَّمِ وَلَا مِنْ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ، فمتى رأيت إحدى هاتين العلامتين في وقت فإنك تعتبرين قد طهرت، ولزمك الغسل وصلاة ذلك الوقت.
والله أعلم.