الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالأفضل ابتداء أن تحرم من ميقاتك ـ السيل الكبير ـ قبل أن تذهب إلى جدة، فهذا أفضل وأحوط لك من أن تتجاوز الميقات بدون إحرام ثم تعود وتحرم، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ عمن يريد تجاوز الميقات، وهو ناو للنسك، ولكنه لا يريد أن يحرم أولًا لكونه سيذهب ويستريح عند أقاربه، ثم يرجع للميقات ويحرم منه فقال: الأفضل ألا يتجاوز الميقات حتى يحرم، ويمكنه أن يستريح عند أقاربه وهو محرم، والناس لا يرون في هذا بأسًا، ولا خجلًا، ولا حياء، لكن لو فعل، وقال: سأذهب أستريح الآن، وأرجع إلى الميقات وأحرم منه فلا حرج. اهــ .
وأما هل ترجع للسيل أو تحرم من رابغ؟ الأولى أن ترجع لميقاتك السيل الكبير فتحرم منه، وإن أحرمت من رابغ فلا حرج عليك لأن مسافتها أبعد عن مكة من مسافة ميقاتك الأصلي السيل الكبير، وقد نص أهل العلم أن من تجاوز الميقات ورجع إلى آخر مثله في المسافة أو أبعد منه فلا حرج عليه، جاء في مغني المحتاج من كتب الشافعية عن تجاوز الميقات بدون إحرام وأنه يرجع قال: وَيُحْرِمُ مِنْ مِثْلِ مِيقَاتِ بَلَدِهِ أَوْ أَبْعَدَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ، فَإِنْ خَالَفَ وَفَعَلَ مَا مُنِعَ مِنْهُ بِأَنْ جَاوَزَهُ إلَى جِهَةِ الْحَرَمِ لَزِمَهُ الْعَوْدُ لِيُحْرِمَ مِنْهُ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ وَقَدْ أَمْكَنَهُ تَدَارُكَهُ فَيَأْتِي بِهِ، تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: لِيُحْرِمَ مِنْهُ يَقْتَضِي تَعَيُّنَهُ حَتَّى لَا يَقُومَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ لَوْ عَادَ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ جَاز،َ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. اهــ .
والله تعالى أعلم