الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسلام هو اسم من أسماء الله تعالى، ويراد به في التشهد وفي السلام على المسلم الدعاء له بالحفظ والعناية، وأن يسلمه الله من كل الآفات، قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح مسلم: وَقَوْله: (السَّلَام عَلَيْك أَيّهَا النَّبِيّ وَرَحْمَة اللَّه وَبَرَكَاته السَّلَام عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَاد اللَّه الصَّالِحِينَ)، وَقَوْله فِي آخِر الصَّلَاة: (السَّلَام عَلَيْكُمْ) فَقِيلَ: مَعْنَاهُ التَّعْوِيذ بِاَللَّهِ، وَالتَّحْصِين بِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى، فَإِنَّ السَّلَام اِسْم لَهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى، تَقْدِيره اللَّه عَلَيْكُمْ حَفِيظ وَكَفِيل، كَمَا يُقَال: اللَّه مَعَك أَيْ بِالْحِفْظِ وَالْمَعُونَة وَاللُّطْف، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ السَّلَامَة وَالنَّجَاة لَكُمْ، وَيَكُون مَصْدَرًا كَاللَّذَاذَةِ وَاللَّذَاذ كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى: {فَسَلَام لَك مِنْ أَصْحَاب الْيَمِين}.
وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في الشرح الممتع: قوله: «السلام عليك» «السَّلام» قيل: إنَّ المراد بالسَّلامِ: اسمُ الله عزّ وجل؛ لأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنَّ اللَّهَ هو السَّلامُ» كما قال عزّ وجل في كتابه: {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ} [الحشر: 23] وبناءً على هذا القول يكون المعنى: أنَّ الله على الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم بالحِفظ والكَلاءة والعناية وغير ذلك، فكأننا نقول: اللَّهُ عليك، أي: رقيب حافظ مُعْتَنٍ بك، وما أشبه ذلك، وقيل: السلام: اسم مصدر سَلَّمَ بمعنى التَّسليم كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] فمعنى التسليم على الرسول صلّى الله عليه وسلّم: أننا ندعو له بالسَّلامة مِن كُلِّ آفة. انتهى.
وقال أيضا في شرح رياض الصالحين: السلام بمعنى الدعاء بالسلامة من كل آفة، فإذا قلت لشخص: السلام عليك فهذا يعني أنك تدعو له بأن الله يسلمه من كل آفة: يسلمه من المرض، من الجنون، يسلمه من شر الناس، يسلمه من المعاصي وأمراض القلوب، يسلمه من النار، فهو لفظ عام معناه الدعاء للمسلم عليه بالسلامة من كل آفة. انتهى.
والله أعلم.