الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن رقص العروسين وهما في حلة الزفاف أمام الحضور في صالة الأفراح، على نحو ما جرت به عادة بعض الناس اليوم، باب من أبواب الفتنة، والاختلاط المنكر، وإقرار الرجل زوجته على التمايل، والتراقص أمام الرجال، وهي في أبهى حلة ضرب من الدياثة، وداعية إلى الفحشاء، لاسيما إذا كانت سافرة الوجه، متزينة؛ وقد قال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}.
وإذا كان بعض أهل العلم منع رقص المرأة على الصفة المعهودة اليوم بين النساء؛ لعدم أمن الفتنة من بنات جنسها، فكيف بين الرجال؟! وينظر في ذلك الفتوى رقم: 134103.
وكذلك رقص الزوج وهو في أبهى حلة أمام النساء، لا يخلو عادة من فتنة لبعضهن، فكيف إذا صاحب هذا الرقص المنكر شيء من الغناء المحرم، والمعازف كما جرت به العادة، فإن الإثم يتعاظم بتعدد المعاصي، وينظر في تحريم الغناء، والمعازف الفتوى رقم:5282.
فهذه الأعراس على هذه الصورة، من الأعراس المحرمة، التي لا يجوز إقامتها، ولا يجوز شهودها إلا للإنكار على ما وقع فيها من المخالفات الشرعية الظاهرة.
أما اعتراض بعض الناس بأنها فرحة العمر، وليلة في العمر؛ فالواجب أن يبين لهؤلاء أن المواسم والمناسبات لا تغير الأحكام الشرعية، إلا ما استثناه الشرع كإباحة الدفوف للنساء في الأعراس، وإن من انتكاس العقول، والقلوب أن يعلق الناس بهجتهم وفرحتهم في أعراسهم على انتهاك المحرمات، وإتيان المنكرات من الاختلاط، والرقص، والطرب، والنظر المحرم، فأبدلوا شكر نعمة الله عليهم بوضع اللبنة الأولى للأسرة المسلمة، والجمع بين العروسين، بما يستدعي غضب الجبار، ويؤذن بنقمته، وأفسد من ذلك اعتراضهم على من يقوم بواجبه الشرعي من إنكار هذه المنكرات الظاهرة، وزعمهم أن ذلك مجلبة للنكد والضنك، وإفساد للعرس والبهجة، والحق أنه ما نزل النكد، والضنك إلا بالمعاصي، كما قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا {طه:124}.
وقال بعض السلف: ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة.
والله أعلم.