الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من سؤالك: أنك تريد أن تجعل نفس الصدقة كاملة لهما، ونجيبك بأنه أمر مشروع لا بأس به، وتكون صدقة جارية عنهما، وراجع بخصوص ذلك الفتاوى التالية أرقامها : 29491، 44041، 119825.
ولكن لا شك في أن الأصل والأفضل إفراد كل منهما بصدقة كاملة، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين، أحدهما عنه وعن أهل بيته، والآخر عنه وعمن لم يضح من أمته. رواه ابن ماجه والطبراني في الأوسط، قال الهيثمي: وإسناده حسن.
فأفرد النبي صلى الله عليه وسلم نفسه وأهل بيته بشاة، ولم يكتف بالدخول في الكبش الذي جعله لمن لم يضح من أمته. وهذا الحديث هو مستند العلماء في مسألة التشريك في الأجر، ولو كان يحصل للمشترك مثل أجر المنفرد، لأجزأت البدنة بالأولى عن الأمة كلها، ولكن دلت السنة على إجزاء البدنة عن سبع فقط، قال الطحاوي في شرح المشكل:.. فمما دل على ذلك أن الكبش, لما كان يجزئ عن غير واحد, لا وقت في ذلك ولا عدد, كانت البقرة والبدنة أحرى أن تكونا كذلك, وأن تكونا تجزيان عن غير واحد, لا وقت في ذلك ولا عدد، ثم قد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قد دل على خلاف ذلك, مما قد ذكرناه في الباب الذي قبل هذا, من نحر أصحابه معه الجزور عن سبعة, والبقرة عن سبعة، وكان ذلك عند أصحابه على التوقيف منه لهم, على أن البقرة والبدنة, لا تجزئ واحدة منهما عن أكثر مما ذبحت عنه يومئذ, وتواترت عنهم الروايات بذلك. انتهى.
فليس معنى التشريك في الأجر، الإجزاء الكامل، وحصول مثل أجر من أفرد التضحية، فاجتهد أن تجعل لكل واحد منهما صدقة جارية مخصوصة.
وبخصوص المشاركة في بناء مسجد لا بأس بأن تقسم الصدقة عليهما، فيكون لكل واحد منهما نصف المسجد مثلاً، صدقة عنه، فإن تشييد المساجد والمساعدة في إكمال بنائها يعتبر من الصدقة الجارية، كما سبق بيانه في الفتوى رقم :120932، وتوابعها.
والله أعلم.