الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن وُجدت حاجة لتعدد الجمعة في نفس المسجد بحيث لا يوجد مسجد آخر يصلون فيه، واحتيج إلى ذلك الإمام في الخطابة فلم يوجد خطيب غيره فلا حرج في تكرار الجمعة حينئذ، ولا حرج على الإمام في إعادة الخطبة والصلاة، وقد نص بعض الفقهاء على جواز إعادة الجمعة عند جواز تعددها، جاء في نهاية المحتاج للرملي الشافعي عند قوله: وتسن إعادة المكتوبة ـ قال: وَدَخَلَ فِي الْمَكْتُوبَةِ الْجُمُعَةُ فَتُسَنُّ، خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ إعَادَتُهَا عِنْدَ جَوَازِ التَّعَدُّدِ أَوْ سَفَرِهِ لِبَلَدٍ آخَرَ رَآهُمْ يُصَلُّونَهَا. اهـ. وقال أيضا: يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ حَيْثُ جَازَ التَّعَدُّدُ، وَمِنْهُ لَوْ خَطَبَ بِمَكَانٍ وَصَلَّى بِأَهْلِهِ ثُمَّ حَضَرَ إلَى مَكَان لَمْ يُصَلِّ أَهْلُهُ فَخَطَبَ لَهُمْ وَصَلَّى بِهِمْ حَيْثُ جَازَ لَهُ ذَلِكَ؛ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ. اهـ.
وإن لم توجد حاجة لتعدد الجمعة لم يجز إعادتها، جاء في (فتاوى اللجنة الدائمة 8 / 263): الأصل أن تقام جمعة واحدة في البلد الواحد، ولا تتعدد الجمع إلا لعذر شرعي؛ كبعد مسافة على بعض من تجب عليهم، أو يضيق المسجد الأول الذي تقام فيه عن استيعاب جميع المصلين، أو نحو ذلك مما يصلح مسوغا لإقامة جمعة ثانية، فعند ذلك يقام جمعة أخرى في مكان يتحقق بإقامتها فيه الغرض من تعددها، فعلى الإخوة السائلين أن يلتمسوا مكانا آخر وسط من يأتون للمسجد المطلوب وإعادة صلاة الجمعة فيه ويقيموا فيه جمعة أخرى، حتى ولو لم يكن مسجدا، كالمساكن الخاصة وكالحدائق والميادين العامة التي تسمح الجهات المسئولة عنها بإقامة الجمعة فيها. اهـ.
وعند جواز إعادة الجمعة فإنه إذا وُجد إمام غير الإمام الأول فإنه لا ينبغي له إعادة الجمعة مرتين؛ لأن إعادة الفريضة من غير سبب شرعي لا يشرع, والفريضة لا تصلى إلا مرة واحدة, وقد روى أحمد والنسائي وأبو داود ـ واللفظ له: عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عَلَى الْبَلَاطِ وَهُمْ يُصَلُّونَ, فَقُلْتُ: أَلَا تُصَلِّي مَعَهُمْ؟ قَالَ: قَدْ صَلَّيْتُ, إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ. ولفظ النسائي: لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ. اهــ .
والله تعالى أعلم.