الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكرت فإنّ هذا الوالد ظالم لابنته وعاضل لها، ولا تلزمها طاعته في تأخير زواجها وسفرها إليه، ولا يضرها غضبه عليها ما دام يغضب بغير حق، ويتعنت هذا التعنت، والذي ننصح به أن يتوسط بعض الصالحين من الأقارب أو غيرهم ممن له وجاهة عنده ليكلموه ويبينوا له حكم الشرع في عضله ابنته وتأخيره زواجها دون مسوّغ، فإن أصرّ على ما هو عليه، فمن حقّ البنت والحال هكذا أن ترفع أمرها للقاضي الشرعي ليزوجها أو يأمر وليها بتزويجها، و في جواز انتقال الولاية للأبعد من الأولياء دون الرجوع للحاكم خلاف بين أهل العلم، قال ابن قدامة (رحمه الله): إذا عضلها وليها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد، نص عليه أحمد وعنه رواية أخرى، تنتقل إلى السلطان وهو اختيار أبي بكر وذكر ذلك عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ وشريح وبه قال الشافعي. المغني لابن قدامة (7/ 30)
وقد سبق أن رجحنا القول بانتقال الولاية إلى الولي الأبعد دون السلطان كما في الفتوى رقم: 32427.
فعلى هذا القول يجوز أن يزوجها الأقرب من أوليائها غير أبيها، وانظر ترتيب الأولياء في الفتوى رقم: 22277.
وننبه إلى وجوب بر الأب ومصاحبته بالمعروف مهما كان حاله ومهما أساء إلى ولده، وانظر الفتوى رقم: 114460.
والله أعلم.