الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم -وفقك الله- أنه لا يجوز أن يطاع مخلوق في معصية الخالق ولو كان أباً أو أماً، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، في الصحيحين قوله: إنما الطاعة في المعروف. وفي صحيح مسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
وفي مسند أحمد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل. قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
ولهذا فسر العلماء قول الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [العنكبوت:8]. وما جاء في معناه من الآيات، بأنه لا طاعة للوالدين في معصية الله، دون فرق بين الشرك وغيره.
قال البيضاوي في تفسير الآية المتقدمة: وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فلا تطعهما: عبر عن نفيها بنفي العلم إشعاراً بأن ما لا يعلم صحته لا يجوز اتباعه، وإن لم يعلم بطلانه فضلاً عما علم بطلانه، فلا تطعهما في ذلك، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. اهـ.
ومن هذا تعلم أن طاعة الوالدين واجبة ما لم يأمرا بمعصية الله، فإن أمرا بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة ولكن عليك أن تترفق بهما عسى الله أن يهديهما.
والله أعلم.