الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتقبيل بين المحارم جائز بضوابط سبق بيانها في الفتاوى التالية أرقامها: 110935، 7421، 3222 ، 177755.
أما الفهم الذي أشرت له: فهو غير صحيح، ولو قلنا به للزم منه حرمة مصافحة المحرم غير البنت، لأن الحديث يقول: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ـ وهذا لا يقول به قائل، وعليه يتعين أن يكون المقصود بالحديث المرأة الأجنبية التي لا يحل النظر إليها، جاء في التنوير شرح الجامع الصغير تعليقا على هذا الحديث: وفيه تحريم لمس الأجنبية، وهل يحرم لمس محرمه فإنها لا تحل له، قلت: إن أريد: بلا تحل ـ حل الوطء دخلت المحرم في تحريم اللمس إن أريد به حل الرؤية لم يحرم لمس المحرم، والأول أظهر، أو هو متعين. اهـ.
وأما الأدلة على جواز تقبيل المحارم غير البنت: فمنها الأدلة نفسها التي ذكرت من تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر لبنتيهما ـ رضي الله عن الجميع ـ إذ ليس في ذلك ما يدل على تخصيصه بالبنت دون سواها من المحارم كالأم والعمة والخالة..
ومنها ما ورد من تقبيل خالد بن الوليد لأخته ـ رضي الله عنهما ـ ومنها كذلك القياس على جواز مصافحة المحرم، فقد جاء في الآداب الشرعية: قال ابن منصور لأبي عبد الله: يقبل الرجل ذات محرم منه؟ قال: إذا قدم من سفر ولم يخف على نفسه، وذكر حديث خالد بن الوليد، قال إسحاق بن راهويه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم من الغزو فقبل فاطمة ـ ولكن لا يفعله على الفم أبدا، الجبهة أو الرأس، وقال بكر بن محمد عن أبيه عن أبي عبد الله: وسئل عن الرجل يقبل أخته؟ قال: قد قبل خالد بن الوليد أخته، وهذه المسألة تشبه مسألة المصافحة لذي محرم، وقد تقدم في القيام حديث عائشة في تقبيله ـ عليه السلام ـ لفاطمة. اهـ.
ولا يخفي أن محل الجواز مقيد بعدم الشهوة وأمن الفتنة ونحو ذلك من الضوابط والشروط التي تقدمت في الفتاوى المحال عليها، فليتنبه لذلك.
والله أعلم.