الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالكتب التي ذكرتها ـ أخي السائل ـ تعتبر عند الحنفية من كتب المتون وشروحها والحواشي عليها.
1ـ فكتاب: رد المحتار ـ المشهور بحاشية ابن عابدين هي حاشية على كتاب الدُّرِّ الْمُخْتَارِ الذي هو شَرْحٌ لكتاب تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ.
2ـ ومراقي الفلاح: هو شرح لمتن نور الإيضاح، وعليه حاشية للطحطاوي المتوفى سنة 1231 هـ.
3ـ وكنز الدقائق لأبي البركات النسفي من كتب المتون، وشرحه ابن نجيم في البحر الرائق، وكذا شرحه الزيلعي في تبيين الحقائق.
4ـ وفتح القدير لكمال الدين ابن الهمام هو شرح لكتاب: الْهِدَايَةِ ـ لِلْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ بُرْهَانِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ.
وإذا تبين هذا، فاعلم أن هذه الكتب من جملة الكتب النافعة المعتبرة عند الحنفية سواء منها المتون أو شروحها، وقد قال ابن عابدين في وصف كتب المتون المتأخرة: أَصْحَابِ الْمُتُونِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، مِثْلُ صَاحِبِ الْكَنْزِ، وَصَاحِبِ الْمُخْتَارِ، وَصَاحِبِ الْوِقَايَةِ، وَصَاحِبِ الْمَجْمَعِ، وَشَأْنُهُمْ أَنْ لَا يَنْقُلُوا الْأَقْوَالَ الْمَرْدُودَةَ وَالرِّوَايَاتِ الضَّعِيفَةَ. اهـ.
وقال: لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتُونَ مَوْضُوعَةٌ لِنَقْلِ مَا هُوَ الْمَذْهَبُ.
وأيضا إذا تعارض ما فيها مع ما في كتب الفتاوى فإنه يُقَدَّمُ ما في هذه الكتب على ما في كتب الفتاوى، ويُقَدَّمُ أيضا ما في شروحها على ما في كتب الفتاوى، كما قال ابن عابدين في حاشيته: إذَا تَعَارَضَ مَا فِي الْمُتُونِ وَالْفَتَاوَى، فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمُتُونِ، كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ، وَكَذَا يُقَدَّمُ مَا فِي الشُّرُوحِ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى.. اهــ.
ومن كتب الشروح المهمة والمتقدمة ـ ولم تذكره أنت من جملة ما ذكرت ـ كتاب المبسوط للسرخسي، رحمه الله تعالى ـ وهو شرح لمختصر الإمام: أَبِي الْفَضْلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَرْوَزِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ، والذي هو عبارة عن اختصار كتب محمد بن الحسن الشيباني، فجاء الإمام السرخسي، وشرح مختصر المروزي في المبسوط، وقد قال ابن عابدين في الحاشية نقلا عن الْعَلَّامَة الطَّرَسُوسِيّ: مَبْسُوطُ السَّرَخْسِيِّ لَا يُعْمَلُ بِمَا يُخَالِفُهُ، وَلَا يُرْكَنُ إلَّا إلَيْهِ، وَلَا يُفْتَى وَلَا يُعَوَّلُ إلَّا عَلَيْهِ. اهـ.
ومن المفيد أيضا أن تعلم أن هناك كتبا عند الحنفية يسمونها كتب: ظاهر الرواية ـ وهي ستة كتب ألفها محمد بن الحسن الشيباني تلميذ الإمام أبي حنيفة:
1ـ الْمَبْسُوطُ.
2ـ وَالزِّيَادَاتُ.
3ـ وَالْجَامِعُ الصَّغِيرُ.
4ـ الجامع الكبير.
5ـ وَالسِّيَرُ الصَّغِيرُ.
6ـ وَالْسير الْكَبِيرُ.
وقد نظمها ابن عابدين في حاشيته فقال:
وَكُتْبُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَتَتْ سِتًّا لِكُلِّ ثَابِتٍ عَنْهُمْ حَوَتْ
صَنَّفَهَا مُحَمَّدٌ الشَّيْبَانِيُّ حَرَّرَ فِيهَا الْمَذْهَبَ النُّعْمَانِيّ
الْجَامِعَ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالسِّيَرَ الْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ
ثُمَّ الزِّيَادَاتِ مَعَ الْمَبْسُوطِ تَوَاتَرَتْ بِالسَّنَدِ الْمَضْبُوطِ. اهــ.
وسُمِّيَتْ بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، لِأَنَّهَا رُوِيَتْ عَنْ مُحَمَّدٍ بِرِوَايَاتِ الثِّقَاتِ، فَهِيَ ثَابِتَةٌ عَنْهُ إمَّا مُتَوَاتِرَةً أَوْ مَشْهُورَةً عَنْهُ، وإذا اختلفت الفتوى عند الحنفية كان الترجيح لما في هذه الكتب، قال في البحر الرائق: الْفَتْوَى إذَا اخْتَلَفَتْ كَانَ التَّرْجِيحُ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. اهـ.
والله أعلم.