الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالرؤيا التي رأيتها يمكن أن يكون تعبيرها ما ذكرته، ويمكن أن لا يكون كذلك، فلا ينبغي أن تشغل بها نفسك كثيرا. وأمر الزواج مكتوب، وسيأتيك ما كتب لك منه، قال تعالى: وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا {الأحزاب:38}.
ومطلوب منك شرعا أن تحسن العمل، وتحسن الظن بالله تعالى، ومن إحسان العمل أن لا تكون لك علاقة عاطفية مع امرأة أجنبية عنك، فهذا محرم شرعا، وعلم أهلها من عدمه، لا اعتبار له هنا، وراجع الفتوى رقم: 30003.
وأنت على علم بذلك، وقد عزمت على أن تترك محادثة هذه الفتاة، والتواصل معها، فاثبت على ذلك، واستعن بربك، وأكثر من الدعاء الذي كان يكثر النبي صلى الله عليه وسلم قوله، روى أحمد والترمذي وابن ماجة عن أنس -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك. فقلت: يا رسول الله، آمنا بك، وبما جئت به. فهل تخاف علينا؟ قال: نعم؛ إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله، يقلبهما كما يشاء. وفي حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسى طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت.
وكما ذكرت، فإن مثل هذه العلاقة قد تتطور إلى نوع من العشق، يشغل المسلم، أو المسلمة عن النظر في أمر دينه، أو دنياه، وراجع في العشق وعلاجه الفتوى رقم: 9360.
وإذا كان زواجك من هذه الفتاة قد يتأخر كل هذه المدة المذكورة، فلا نرى لك أن تنتظرها، فالأعمار محدودة، وقد تعرض لك، أو لها العوارض، أو لا يرتضي أهلها أصلا زواجك منها. وإضافة إلى هذا كله، أنها من بلد، وأنت من بلد آخر ومثل هذا الزواج قد لا يخلو من بعض المخاطر؛ لاختلاف الناس في عاداتهم، وحاجة مثل هذا الزواج إلى السفر، والتنقل بين البلدين لزيارة أهلها ونحو ذلك، وهذا فيه من الحرج ما فيه.
والله أعلم.