الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمثل هذه المسائل المتعلقة بأمر العامة، والمعتمدة على السياسة الشرعية، يختلف الحكم فيها بحسب الواقع ومعطياته وموازين القوة فيه، واعتبار المصالح والمفاسد، والقدرة والعجز، والنظر في مآلات الأمور، ونحو ذلك مما لا يتهيأ إلا لمن يجمع بين الفقه في الشرع، والعلم بالواقع، قال ابن القيم في (إعلام الموقعين): وهذا يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة والقدرة والعجز؛ فالواجب شيء والواقع شيء، والفقيه من يطبق بين الواقع والواجب، وينفذ الواجب بحسب استطاعته، لا من يلقى العداوة بين الواجب والواقع، فلكل زمان حكم، والناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم. اهـ.
فلا يكفي معرفة الأحكام الشرعية مع الجهل بمواقع تنزيلها، فلابد من الجمع بين الأمرين، ولذلك فإننا دائما ما نقرر أن الرجوع في مثل هذه المسائل يكون لأهل العلم في كل بلد؛ لأنهم أعرف بواقع بلدهم، وأخبر بمجريات الأمور عندهم، فيحب على العامة الالتفاف حولهم والتشاور معهم، وعلى الجميع الاعتصام بحبل الله أولا وقبل كل شيء، والسعي إلى رص الصفوف وتوحيد الكلمة، وتقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية الضيقة، ونبذ الخلافات جانبا.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 269230.
والله أعلم.