الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولًا إلى أن الوسوسة من شر الأمراض، فينبغي على المصاب بها أن يعرض عن الوساوس جملة، وألا يلتفت إلى شيء منها، فذلك هو العلاج الناجع لها بإذن الله، وانظر الفتوى رقم: 51601.
ثم إن ترك الصلاة ليس حلًّا للوسواس، ولا لغيره، وكيف يكون كذلك، والصلاة عون للمسلم على جميع أموره؟ فقد أمرنا الله بالاستعانة بها في قوله: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ {البقرة:45}.
وهذه الصلوات التي تركتها أشهرًا يجب عليك أن تستغفر الله عز وجل، وتتوب إليه من تركها، والتفريط في أدائها، كما يجب عليك قضاؤها عند الجمهور؛ لأنها دَينٌ في ذمتك، ودَين الله أحق أن يُقضى، وعند شيخ الإسلام، ومن وافقه أن من ترك الصلاة عمدًا فإنه لا يقضي، ولا ينفعه القضاء.
ولا مانع من أن تأخذ بهذا القول ما دمت موسوسًا، وقد قدمنا في الفتوى رقم: 181305 أنه يجوز للموسوس أن يترخص، ويعمل بأخف الأقوال، فإذا أخذت بهذا القول فراجع الفتوى رقم: 182861 بشأن البديل الشرعي للقائلين بعدم مشروعية القضاء لمن تعمد ترك الصلاة.
وإن أخذت بقول الجمهور، فإن عليك أن تقضي ما فاتك من الصلوات، حسب استطاعتك، بما لا يضر ببدنك، أو بمعيشة تحتاج إليها؛ وانظر لبيان كيفية قضاء الفوائت الكثيرة الفتوى رقم: 70806.
ولا يلزمك عندهم إعادة ما صليت من صلوات، وإنما تعيد الذي تعلم أنك لم تصله؛ فإن كنت قد صليت في بعض أيام رمضان، وتركت الصلاة في بعضها، فلا يلزمك قضاء ما صليت، وهكذا بقية الشهور، لكن لا بد من القضاء حتى يغلب على ظنك براءة ذمتك، فإذا لم تعرف هل الشهر الذي ستقضي صلواته كلها كان تسعة وعشرين، أو ثلاثين، فتقضي صلوات ثلاثين يومًا؛ لأن الذمة لا تبرأ إلا بمحقق.
والله أعلم.