الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفي الأخ السائل، وأن يثيبه لأجل حرصه على أداء الصلاة في المسجد جماعة، وتألمه لفواتها بسبب مرضه، ولا شك أنه معذور في التخلف عن جماعة المسجد مادام على الحال التي ذكرها حتى عند القائلين بوجوبها في الأصل، وقد ذكر الفقهاء أن المرض عذر مبيح للتخلف عن الجمعة والجماعة، كما قال صاحب الروض: يُعْذَرُ بِتَرْكِ جُمُعَةٍ وَجَمَاعَةٍ مَرِيضٌ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمَّا مَرِضَ تَخَلَّفَ عَنْ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ـ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ... اهـ.
وأيضا إذا دار الأمر بين الصلاة في المسجد قاعدا وبين أدائها في البيت قائما، فإن أداءها في البيت قائما أفضل، بل ربما يتعين، لأن القيام ركن في الفريضة، وقد ذكر أهل العلم أن مراعاة ما يتعلق بالصلاة نفسها أولى من مراعاة مكان الصلاة، كما قال الإمام النووي في المجموع: الْمُحَافَظَةَ عَلَى فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَكَانِ الْعِبَادَةِ. اهــ.
وتثاب ـ إن شاء الله تعالى ـ ثواب الجماعة مادمت حريصا عليها، ولولا المرض لسعيت لها، فقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا. رواه البخاري.
واجتهد في أن تصليها جماعة مع أهل بيتك، وراجع الفتوى رقم: 203098.
والله أعلم.