الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 126370 متى يكون إعفاء الميت من قروضه مبرئًا لذمته، وبمراجعتها تعلمين أنه إن حصل إبراء من الجهة المخولة بذلك، سواء كان وفق الإجراءات التي أشرت إليها، أو بعفو ملكي شامل لكل المتوفين، فقد برئت ذمة والدكم، وسقط الحق عنه.
وإن لم يحصل عفو من الجهة المخولة بذلك -من خلال "العفو الملكي الشامل" الذي أشرت إليه، أو من خلال الإجراءات التي يتم العفو بموجبها كما ذكرت- فإن ذلك المال ما زال متعلقًا بذمة والدكم.
وعليه؛ فينبغي أن تتأكدوا من الأمر؛ فإن كان قد شمله العفو المذكور فبها ونعمت، وإلا تداركتم الأمر وعملتم الإجراءات اللازمة.
واعلموا أن الدَّين ليس بالأمر الهين، ولا ينبغي التساهل فيه على النحو الوارد في السؤال؛ فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا تزال نفس ابن آدم معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه الترمذي، وأحمد واللفظ له. والمعنى -كما قال السيوطي-: أي: محبوسة عن مقامها الكريم. وقال العراقي: أي أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ولا هلاك حتى ينظر هل يقضى ما عليها من الدين أم لا. انتهى.
وأما هذا الابن الذي وعد إخوته بالمراجعة ولم يراجع: فقد قصر في حق أبيه المتوفى، وأخلف ما وعد إخوته به، وإخلاف الوعد -كما هو معروف- من صفات المنافقين؛ يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر.» متفق عليه.
وقد بينا حكمه، وما يترتب عليه، وذلك في الفتوى رقم: 98715، وإحالاتها.
والله أعلم.