الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد نص الحنابلة على إجزاء الغسل الواحد عن عدة موجبات، كما نصوا على أن الردة حدث لساني، قال صاحب كشاف القناع: وَإِنْ اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ مُتَنَوِّعَةٌ ـ وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً فِي أَوْقَاتٍ تُوجِبُ وُضُوءًا... أَوْ تُوجِبُ غُسْلًا كَالْجِمَاعِ، وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ، وَالْحَيْضِ ـ فَنَوَى بِطَهَارَتِهِ أَحَدَهَا, ارْتَفَعَ هُوَ ـ أَيْ: الَّذِي نَوَى رَفْعَهُ ـ وَارْتَفَعَ سَائِرُهَا ،لِأَنَّ الْأَحْدَاثَ تَتَدَاخَلُ, فَإِذَا نَوَى بَعْضَهَا غَيْرَ مُقَيَّدٍ ارْتَفَعَ جَمِيعُهَا.. اهـ.
وقال صاحب المغني: الرِّدَّةَ حَدَثٌ، بِدَلِيلِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْحَدَثُ حَدَثَانِ: حَدَثُ اللِّسَانِ، وَحَدَثُ الْفَرْجِ، وَأَشَدُّهُمَا حَدَثُ اللِّسَانِ. اهــ.
وأما المالكية: فلا يجب غسل الكافر، والمرتد عندهم إلا إذا حصل منه ما يوجب غسل الجنابة، كما قال الدردير في شرح المختصر: وَيَجِبُ غُسْلُ كَافِرٍ -ذكر أو أنثى، أصليّ أو مرتدّ-... بِمَا، متعلّق بـيجب، أي: يجب عليه الغسل بسبب ما ذُكِرَ من الموجبات الأربع، لا إن لم يحصل منه واحد منها، كبلوغه بسنّ، أو إنبات، فلا يجب عليه الغسل، بل يندب. اهـ.
والله أعلم.