التلفيق دون قيود... رؤية فقهية

16-2-2015 | إسلام ويب

السؤال:
تحولت حياتي إلى جحيم بعدما قرأت عما يسمى التلفيق بين المذاهب، فوجدت أن عباداتي كلها تلفيق، ولا أستطيع إعادتها كلها أو التكفير عنها، فهل هناك من العلماء من قال بجواز التلفيق مطلقاً دون أي شروط؟ حتى أطمئن على عباداتي السابقة.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد تكلمنا عن التلفيق بين المذاهب وبينا ضابطه وحكمه في فتاوى كثيرة انظر منها هاتين الفتويين: 160219، 107754.

وقد اختار بعض العلماء جواز التقليد في التلفيق وإن أدى إلى صورة لا تصح على كل مذهب بانفراده، قال العلامة مرعي الكرمي الحنبلي في مطالب أولي النهى: والذي أذهب إليه وأختاره: القول بجواز التقليد في التلفيق, لا بقصد تتبع ذلك، لأن من تتبع الرخص فسق, بل حيث وقع ذلك اتفاقا, خصوصا من العوام الذين لا يسعهم غير ذلك، فلو توضأ شخص ومسح جزءا من رأسه مقلدا للشافعي, فوضوؤه صحيح بلا ريب، فلو لمس ذكره بعد ذلك مقلدا لأبي حنيفة جاز ذلك، لأن وضوء هذا المقلد صحيح, ولمس الفرج غير ناقض عند أبي حنيفة, فإذا قلده في عدم نقض ما هو صحيح عند الشافعي, استمر الوضوء على حاله بتقليده لأبي حنيفة, وهذا هو فائدة التقليد. انتهى.

وليس في المنع من التلفيق مطلقا إجماع كما ادعاه بعض العلماء، قال الدكتور وهبة الزحيلي: وأما ادعاء وجود الإجماع من قِبَل ابن حجر وغيره من بعض علماء الحنفية على عدم جواز التلفيق فيحتاج إلى دليل، وليس أدل على عدم قيام مثل هذا الإجماع من وجود اختلاف واضح بين العلماء في مسألة التلفيق، قال الشفشاوني في تركيب مسألة من مذهبين أو أكثر: إن الأصوليين اختلفوا في هذه المسألة، والصحيح من جهة النظر جوازه، وحكى الثقات الخلاف أيضاً كالفهامة الأمير والفاضل البيجوري، هذا وإن مثل هذا الإجماع المدعى المنقول بطريق الآحاد لا يوجب العمل عند جمهور العلماء ولعل المراد بهذا الإجماع هو اتفاق الأكثر أو أهل مذهب ما.

ثم ساق كلاما طويلا في بيان ضوابط الجائز والممنوع من التقليد تحسن بك مراجعته من كتابه: الفقه الإسلامي وأدلته ـ وبمعرفة ما مر ومراجعة ما أشرنا إليه من الفتاوى يتبين لك أن الأمر أيسر مما تظن بكثير، وأن اجتناب ما نص الفقهاء على منعه من التلفيق أمر لا يشق أصلا.

والله أعلم.

www.islamweb.net