الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في مجرد تحريم المرء على نفسه شيئاً حلالاً غير الزوجة هل يوجب ذلك كفارة يمين أم لا؟ فالجمهور على أن مجرد التحريم لا يوجب كفارة ولا يحرم عليه شيء، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا [المائدة:87]. فذم الله المحرّم للحلال ولم يوجب عليه كفارة.
وذهب الأحناف والحنابلة إلى وجوب كفارة اليمين واستدلوا بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:1، 2].
قالوا: فقد سمّى الله التحريم يميناً وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم على نفسه شرب العسل، أو حرّم على نفسه سريته ماريةن فعاتبه الله في ذلك.
والراجح ما ذهب إليه الجمهور من أن مجرد التحريم لا يوجب الكفارة، وأما ما استدل به الأحناف والحنابلة في قوله تعالى: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ بعد قوله: تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ فقد ورد في القصة التي ذهب أكثر المفسرين إلى أنها سبب نزول الآية أنه صلى الله عليه وسلم حرّم أولاً ثم حلف ثانياً، كما روى ذلك الضياء المقدسي في المختارة، وعليه فلا يلزمك كفارة يمين.
والله أعلم.