الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإيصاء هو: تفويض الشخص التصرف في ماله ومصالح أطفاله بعد موته، ويعتبر الوصي نائباً عن الموصي، وتصرفاته نافذة، ويده على مال المتوفى يد أمانة، فلا يضمن ما تلف من المال بدون تَعدٍ أو تقصير.
فإن لم يوص الشخص بذلك قبل موته عُين وصي لأطفاله عن طريق القضاء ونحوه.
وبما أن يد الوصي على مال الولى عليه يد أمانة، فإنه لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط، وقد نص العلماء على أنه يُصدَّق بدون بينة إذا نازعه المولى عليهم فيما أنفق عليهم من أموالهم ما لم يكن مسرفاً، لكنهم اختلفوا هل يصدق بيمينه أم بدون يمين ؟
فمذهب الشافعية والمالكية والحنابلة على أنه يصدق بيمينه - وهو الراجح - قال
زكريا الأنصاري في شرح روض الطالب:
يقبل قول الوصي بيمينه إذا نازعه الولد بعد كماله في دعوى التلف والإنفاق عليه وعلى مُمَوِّنه. انتهى.
وقال
المواق في التاج والإكليل:
يصدق الولي في الإنفاق على الأيتام وإن كانوا في حجره ما لم يأت بَسَرف. انتهى.
وقال في مجمع الضمانات - وهو حنفي - :
ويقبل قول الوصي فيما يدعيه من الإنفاق بلا بينة. انتهى.
وقال في غمز عيون البصائر:
قول الوصي بلا بينة في دعوى الإنفاق هي إحدى المسائل العشر التي يقبل فيها القول بلا يمين. انتهى.
والحاصل أن قول الأم يُقبل فيما قالت ، بيمينها على الراجح، أي تحلف أنها أنفقت هذا المال على أولادها ، فإذا حلفت صُدقت.
وإن تسامحتم - أنتم الكبار- معها في اليمين كان أولى، رعاية لحق الأم، وعملاً ببرها، أما الإخوة الصغار الذين لم يبلغوا راشدين، فأمرهم موقوف على البلوغ والرشد، فإما أن يَطلبوا حقهم عندها، وإما أن يتنازلوا عنه، كل هذا إذا كان الوصي لم يظهر منه سرف ظاهر.
أما إذا كان الوصي قد أنفق عليهم بإسراف - وهو ما يخالف العادة والعرف - فالقول قول المولى عليهم؛ لأنه مأمور بأن ينفق عليهم النفقة المعتادة، فإذا تجاوزها فقد فرط، وهو ضامن بتفريطه.
وإننا لننصح السائل وإخوانه بأن يتسامحوا مع أمهم فيما مضى، ويأخذوا حذرهم فيما يستقبل، لعموم الأدلة الدالة على وجوب بر الأم ولزوم خدمتها والإحسان إليها، كما في الجواب رقم:
25001 ، والفتوى رقم:
23257 ، والفتوى رقم:
22420 ، والفتوى رقم:
22356.
والله أعلم.