الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أبوك أساء إليك وظلمك، أو كان لا يقيم حدود الله، فليس هذا مسوّغاً لعقوقه، فحق الوالدين عظيم ولو أساءا أعظم الإساءة، فقد أمر الله بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين اللذين يأمران ولدهما بالشرك، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 103139، 101410، 68850.
وإذا كان هذا الحكم مع الأب المسيء، فكيف بالأمّ التي تصفينها بأنها طيبة، ثم تذكرين أنّك تضربينها!! فأي عقوق أشد من هذا العقوق؟ وأي إساءة أعظم من تلك الإساءة؟ فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله مما وقعت فيه من عقوق والديك، فإنه من أعظم الذنوب ومن أكبر الكبائر، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود، وطلب العفو من الوالدين، واجتهدي في برهما، واحذري من الإساءة إليهما برفع الصوت عليهما أو إغلاظ الكلام لهما، واحرصي على مخاطبتهما بالأدب والرفق والتواضع والتوقير، قال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23ـ 24}.
قال القرطبي: وقل لهما قولا كريما ـ أي لينا لطيفا مثل: يا أبتاه، ويا أمّاه، من غير أن يسميهما ويكنيهما، قال عطاء: وقال بن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب: كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته إلا قوله: وقل لهما قولا كريما ـ ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ.
وأما قولك إنك مجبرة على هذه التصرفات: فلا نسلمه لك، فما دام عقلك ثابتاً فأنت مسئولة عن تصرفاتك، ولا تسقط عنك المسئولية إلا إذا كنت مسلوبة الإرادة كالمجنون، والظاهر من سؤالك خلاف ذلك، فجاهدي نفسك واستعيني بالله على الصبر وحسن الخلق عامة ومع الأبوين خاصة، فإنّ الأخلاق تكتسب بالتعود والتمرين، فعن أبي الدرداء قال: العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه. رواه الخطيب في تاريخه.
وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.