الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخلو هذا الحكم من صورتين:
1ـ الحكم بأنه لم يوفق في هذه الدراسة أو في هذا الزواج بعينه، فليس في هذا شيء، فما هو إلا إخبار بالواقع، لكن إن كان صاحبه يكره ذلك؛ فلا ينبغي إيذاء المسلم بذلك، وإن كان هذا في غيبته ـ وهو يكره ـ فنخشى أن تكون غيبة.
2ـ الحكم عليه بعدم التوفيق عموما وهذا خطأ، فقد يخفق المرء في الدراسة ويوفق في الطاعة أو في سائر شؤون الحياة، وقد يخفق في الزواج، وهو موفق في غير ذلك، وكم من الأفاضل من انتهى زواجه بالطلاق، وهو مع ذلك موفق، فالإخفاق في الدراسة أو الزواج أو التجارة لا تعني عدم التوفيق؛ قال تعالى: فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا {الفجر:15-17}.
قال الإمام القرطبي: كلا، رد، أي ليس الأمر كما يظن، فليس الغني لفضله ولا الفقير لهوانه. انتهى.
وقد يخفق إنسان في الدراسة، ويوفق مع ذلك في حياته وكسبه، فالحكم عليه بعدم التوفيق مطلقا خطأ منشؤه اعتبار أن الإخفاق في البعض إخفاق في الكل، وأن الإخفاق الدنيوي ملازم للإخفاق الأخروي، ولعدم توفيق الله، وقد أبطل الله تعالى هذا المفهوم بالآية الكريمة السابقة.
وقد يكون الفشل في الدراسة أو الزواج بسبب المعاصي، ويكون من عدم التوفيق، ومن البلاء بسبب الذنب، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 22052.
والله أعلم.