الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نعثر بعد البحث على نص من نصوص الوحي ولا في كلام أهل العلم يخص شجر الغرقد، ولكن الحديث صحيح ويدل لدخوله في السجود عموم ما في قول الله تعالى: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ {النحل:49}.
وفي قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء {الحج:18}.
وقوله تعالى: وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ {الرعد:15}.
فهذه العمومات المذكورة في الآيات يدخل فيها الغرقد وغيره، ويبقى له الذم المنصوص في الحديث، وهو كونه لا يخبر عن اليهود، وقد ذكر أهل العلم أن سجود غير العاقل سجود تسخير، كما قال الراغب الأصفهاني بعد أن تكلم على أصل السجود، وجعل ذلك عبارة عن التذلل لله وعبادته: وهو عام في الإنسان والحيوان والجماد، وذلك ضربان: سجود باختيار، وليس ذلك إلا للإنسان، وبه يستحق الثواب، نحو قوله تعالى: فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا {النجم: 62} أي تذللوا له وسجود تسخير وهو للإنسان والحيوان والنبات والجماد، وعلى ذلك قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ {النحل: 48} فهذا سجود تسخير، وهو الدلالة الصامتة الناطقة المنبهة على كونها مخلوقة وأنها خلق فاعل حكيم. اهـ
والله أعلم.