الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشيطان حريص على الإيقاع بين المؤمنين والنزغ بينهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم. رواه مسلم عن جابر.
فعلى المسلم أن لا يتبع خطوات الشيطان في ذلك، وأن يدفع نزغ الشيطان بالقول الحسن كما قال الله سبحانه: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً [الإسراء:53].
وهجر المسلم لأخيه المسلم فوق ثلاثة أيام محرم، وخير المتهاجرين البادئ بالسلام، ففي الصحيحين عن أبي أيوب الأنصاري يقول: النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. فعليكما بترك التقاطع، ونبذ الفرقة، والدفع بالتي هي أحسن.
وإذا سلم مسلم على آخر وجب عليه أن يرد عليه السلام بمثل سلامه أو بأحسن منه لقول الله عز وجل: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً [النساء:86]. إلا إذا كان المسلم مبتدعاً أو فاسقاً، فله أن يترك السلام عليه تأديباً له، قال الإمام النووي: وأما المبتدع ومن اقترف ذنباً عظيماً ولم يتب منه، فلا يسلم عليهم، ولا يرد عليهم السلام، كما قال جمع من أهل العلم، واحتج البخاري لذلك بقصة كعب بن مالك. انتهى.
أي بقصته وصاحبيه عندما تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فهجرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه خمسين ليلة لا يكلمونهم ولا يسلمون عليهم ولا يردون عليهم السلام، حتى نزلت توبتهم من الله سبحانه.
ولا ينبغي للمسلم أن يبدأ السلام على المسلم بلفظ يقتضي لمزاً كقوله السلام على من اتبع الهدى، لأن مثل هذه الصيغة هي التي سلم بها النبي صلى الله عليه وسلم في كتبه على الكفار، فيكون فيها لمز للمسلم، وكذلك لا ينبغي أن يرد عليه بلفظ يُرد به سلام الكفار كقوله وعليك، قال الحافظ ابن حجر: لما اشتهرت هذه الصيغة للرد على غير المسلم ينبغي ترك جواب المسلم بها وإن كانت مجزئة في أصل الرد. انتهى.
والله أعلم.