الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرتِ أن أباك أعطى زوجته الثانية ما أعطاها في حياته ومن أجل ذلك لم يسجلها في سجلات العائلة، فإذا كان قد أعطاها إياه على أنه هبة، فيشترط لنفاذ هذه الهبة وصحتها أن تكون قد وهبت لها في غير مرض مخوف, وأن تكون قد حازتها الحوز التام بأن رفع أبوكم يده عما وهبه لها بحيث يمكنها أن تتصرف فيه تصرف المالك, وانظري الفتوى رقم 58686.
وإذا وهبها إليها في مرض مخوف فإن الهبة لا تنفذ وتأخذ حكم الوصية، ولا وصية لوارث, وانظري الفتوى رقم: 208060عن المرض المخوف وحكم العطايا فيه، والفتوى رقم: 170967 عن الوصية للوارث.
وإذا وهبها في غير مرض مخوف، ولكنها لم تحزها حتى مات، فإن الهبة غير ماضية أيضًا، وتقسم هذه العقارات والأموال كبقية ماله على ورثته حسب أنصبتهم.
ويبقى احتمال، وهو: أن يكون قد أعطاها إياها على أنه نصيبها من التركة، فلا تستحق هذه المرأة هذا العطاء، فإن الحي لا تقسم تركته، فقد نص الفقهاء على أن من شروط صحة الإرث التحقق من موت المورث؛ جاء في الموسوعة الفقهية: من شروط الإرث: تحقّق موت المورث، أو إلحاقه بالموتى حكمًا، وتحقّق حياة الوارث بعده، أو إلحاقه بالأحياء, والحكم باستحقاق الإرث واضح، متّفق عليه في حالة التّحقّق من موت المورث، ومن حياة الوارث بعده، بأن كانا حيّين، ثمّ مات المورث موتًا حقيقيًّا، وتحقّقت حياة الوارث بعده. اهــ.
وفي هذه الحالة يجب أن تضم هذه الشقق الثلاث وهذا المال الذي أعطاها إياه إلى التركة وتوزع على الورثة كل حسب نصيبه، روى البخاري، ومسلم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ومن ترك مالًا فهو لورثته».
وكذلك الحال بالنسبة لبيت العائلة الذي حصلت عليه أمكم فإنه يدخل في التركة ويوزع على الورثة.
وننبه أن التركات أمر خطير جدًّا وشائك للغاية، وبالتالي؛ فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقًا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذن قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية أو ما يقوم مقامها في البلاد غير الإسلامية كالمراكز الإسلامية تحقيقًا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.