الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الدعاء من الرقى التي لم ترد في الكتاب والسنة، والرقى بما ورد في غيرهما -سواء عن السلف الصالح أو ما ألفه الراقي بنفسه من أدعية- جائزة ما لم يكن فيها شرك، أو شيء يخالف الشرع، أو كانت بكلام غير مفهوم، ويدل لجواز الدعاء بما لم يثبت إن لم يكن فيه محظور شرعي قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعوف بن مالك لما قال: كنا نرقى في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ قال: اعرضوا عليَّ رقاكم, لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك. رواه مسلم.
قال الشوكاني -رحمه الله- في نيل الأوطار: فيه دليل على جواز الرقى والتطبيب بما لا ضرر فيه ولا منع من جهة الشرع، لكن إذا كان مفهومًا؛ لأن ما لا يفهم لا يؤمن أن يكون فيه شيء من الشرك. انتهى.
فإذا علم ذلك؛ فإن هذا الدعاء ينبغي اجتناب الدعاء والرقية به؛ لأن فيه كلامًا مجملًا غير مفهوم، بل يحتمل معنى باطلًا، وذلك أن قول القائل: (جبرائيل عن يميني، وميكائيل عن يساري، وإسرافيل من ورائي، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- أمامي) يفهم منه الاستعاذة بجبريل وميكائيل وإسرافيل ومحمد -صلوات الله وسلامه عليهم-، وهذا شرك.
ثم إذا صح أن يكون مقصوده دعاء الله أن يحفظه عن يمينه بجبريل، وعن يساره ميكائيل، ومن ورائه إسرافيل، فكيف يصح أن يسأل الله أن يحفظه من أمامه بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو في قبره -عليه الصلاة والسلام-.
فنوصيك بالأدعية والأذكار والرقى التي جاءت في كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ فهي أولى وأفضل من غيرها، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى: 55830، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.