الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما صدر منك على النحو الذي ذكرت لا يعتبر من الجدال المنهي عنه شرعا، بل هو جدال مشروع لإحقاق الحق. وبالتالي، فلا شيء عليك فيه، يقول الشيخ عبد العزيز بن باز: أما الجدال: ففسروه بالنزاع والمخاصمة في غير فائدة، أو فيما أوضحه الله وبينه لعباده، فلا وجه للجدال فيه، ويدخل في الجدال المنهي عنه جميع المنازعات التي تؤذي الحجيج وتضرهم، أو تخل بالأمن، أو يراد منها الدعوة إلى الباطل، أو التثبيط عن الحق، أما الجدال بالتي هي أحسن لإيضاح الحق وإبطال الباطل، فهو مشروع، وليس داخلا في الجدال المنهي عنه. اهـ.
ويقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين: والجدال أنواع:
الأول: جدال يراد به إثبات الحق، فهذا واجب حتى وإن كان الإنسان في الحج، ما دام يريد إثبات الحق، ولكن بالتي هي أحسن، لقول الله تبارك وتعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ـ ولا يقول إن هذا جدال، والله يقول: وَلَا جِدَالَ في اَلحَجِّ ـ بل نقول: هذا جدال لا بد منه، واجب، وهو دفاع في الواقع عن الحق أو إثبات له.
الثاني: جدال في أمور ليست حقاً ولا باطلاً، مثل أن يقول: الشيء الفلاني الذي في الجبل إنسان، وهذا يقول: شجرة، وهذا يقول: حجر، وما أشبه ذلك، ويتجادلون، هذا منهي عنه، لما فيه من تحريك النفس وصدها عما هي بصدده من الإقبال على النسك.
الثالث: أن يكون جدال بالباطل بمعنى إنه يجادل وهو يعلم أن الحق بخلاف ما يقول، لكن يريد أن ينتصر لنفسه، وأن تكون كلمته هي العليا، فهذا آثم من جهة أنه جادل، وهو محرم بالحج، ومن جهة أنه أراد أن يحق الباطل ويبطل الحق. اهـ.
والله أعلم.