الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من الأعمال التي ينال بها الأجر مرتين معاناة مشقة الاشتغال بالقرآن، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران. متفق عليه.
ومنها الاجتهاد في الأحكام وإصابة الحق فيها، كما في الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد. متفق عليه.
ومنها الصدقة على الأقارب، لما في الصحيحين: أن زينب امرأة عبد الله بن مسعود جاءت إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لتسأله هل تجزئ الصدقة عنها على زوجها وأيتامها... قالت: فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة، قالت: فخرج علينا بلال فقلنا له: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك أتجزي الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما؟ ولا تخبره من نحن قالت: فدخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم من هما؟ فقال: امرأة من الأنصار وزينب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الزيانب؟ قال: امرأة عبد الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لهما أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة.
وروى الترمذي والنسائي وابن ماجه عن سلمان بن عامر الضبي ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي القرابة اثنتان: صدقة وصلة. وهو حديث صحيح.
ومنها ما في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما رجل كانت عنده وليدة، فعلمها فأحسن تعليمها، وأدبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها فله أجران، وأيما رجل من أهل الكتاب، آمن بنبيه وآمن بي فله أجران، وأيما مملوك أدى حق مواليه وحق ربه فله أجران.
قال الشعبي: خذها بغير شيء، قد كان الرجل يرحل فيما دونها إلى المدينة.
وفي صحيح البخاري عن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المملوك الذي يحسن عبادة ربه، ويؤدي إلى سيده الذي له عليه من الحق، والنصيحة والطاعة له أجران.
وفي الحديث: من عمر ميسرة المسجد كتب الله له كفلين من الأجر. رواه ابن ماجه عن ابن عمر، وضعفه العراقي وابن حجر والألباني.
وفي سنن ابن ماجه عن أبي بن كعب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بماء، فتوضأ مرة مرة، فقال: هذا وظيفة الوضوء، أو قال: وضوء من لم يتوضأه، لم يقبل الله له صلاة، ثم توضأ مرتين، مرتين، ثم قال: هذا وضوء من توضأه أعطاه الله كفلين من الأجر، ثم توضأ ثلاثا، ثلاثا، فقال: هذا وضوئي، ووضوء المرسلين من قبلي. قال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي في الزوائد: في إسناده زيد هو العمي ضعيف وكذا الراوي عنه.
وفي المعجم الكبير للطبراني: عن واثلة بن الأسقع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من طلب علما فأدركه كتب الله له كفلين من الأجر، ومن طلب علما فلم يدركه كتب الله كفلا من الأجر. ورواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، ثم قال: قال أبو عمر: أحاديث الفضائل تسامح العلماء قديما في روايتها عن كل، ولم ينتقدوا فيها كانتقادهم في أحاديث الأحكام، وبالله التوفيق.
وفي الحديث عن قيس بن عاصم، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب بعث إليه يستعين به على بعض الصدقة فأبى أن يعمل له، ثم قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا كان يوم القيامة أمر بالوالي فيوقف على جسر جهنم فيأمر الله الجسر فينتفض انتفاضة فيزول كل عظم منه من مكانه ثم يأمر الله العظام فترجع إلى مكانه ثم يسأله، فإن كان لله مطيعا اجتبذه، فأعطاه كفلين من الأجر، وإن كان لله عاصيا خرق به الجسر فهوى في جهنم سبعين خريفا.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه.
والله أعلم.