الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الغالب في الأم الشفقة على أولادها جميعا وخاصة الإناث منهم، ولذا فإن هذا التصرف من أمك ـ إن ثبت عنها ـ مستغرب جدا، ولكنها تظل أماً لها عليك حق البر والإحسان، فمن حق الوالد أن يبر به ولده وإن أساء، وقد عقد البخاري في كتابه الأدب المفرد، بابًا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه, قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه.
ولا مؤاخذة عليك في الكره القلبي لها بسبب تصرفاتها السيئة هذه، لأن مثل هذا الكره لا كسب للمرء فيه، قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}.
وأما تمنيك موتها ودعاؤك عليها: فلا يجوز ويعتبر عقوقا وكبيرة من كبائر الذنوب تجب عليك التوبة منها، وراجعي شروط التوبة في الفتوى رقم: 29785.
فنوصيك بالصبر عليها والدعاء لها بالهداية والرشد والصلاح، ففي صلاحها خير لك ولها، فما أجمل أن تكوني معها في الدنيا على محبة وألفة، وأن يجمعك الله بها في الجنة، والأمر أهون من أن يدفعك استفزاز أمك لك إلى أن تفكري في الانتحار فضلا عن الإقدام عليه فعلا، والانتحار لا يحل مشكلة، وإنما ينتقل صاحبه إلى الشقاء الأعظم، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا.
والسمنة يمكن التخلص منها وعلاجها، فاستعيني بالله عز وجل وراجعي أهل الاختصاص في العلاج والتغذية.
والله أعلم.