الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد أشرنا في الفتوى رقم: 33808، إلى فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومشروعيتها في السجود، وفي غيره من مواطن الدعاء.
ونضيف هنا أنها ليست شرطًا في قبول الدعاء، لكنها من أسباب قبوله، جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: يعني أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي الوسيلة إلى الإجابة. انتهى.
وسئل الشيخ بن باز -رحمه الله-: هل يشترط لدعاء السجود في صلاة الفريضة أن يبدأ بالحمد لله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟
فأجاب: لا، ليس بشرط، يدعو بما تيسر، وإن حمد الله، وصلى على النبي كله طيب، هذا من أسباب الإجابة، وإن دعا فقط، ولم يحمد الله، ولم يصل على النبي، بل دعا، وقال: سبحان ربي الأعلى، ودعا قائلًا: اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وارزقني، وعافني، اللهم أدخلني الجنة، وأنجني من النار، اللهم أصلح قلبي، وعملي، اللهم اغفر لي، ولوالدي، كله طيب. اهـ.
وبناء عليه؛ فلا يشترط لقبول دعائك أن تأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في أي من السجدات، كما أنك لو أتيت بها في سجدة، أو سجدتين، أو ما تيسر لك من السجدات، فهو حسن ـ إن شاء الله ـ خاصة في الحالة التي تكون فيها مأمومًا، ولا يتأتى لك الإتيان بها في كل سجدة، علمًا بأنه يمكن أن تأتي بها مختصرة في كل السجدات دون أن يأخذ منك ذلك وقتًا، مثل أن تقول: اللهم صلِّ على نبينا محمد، ثم تدعو..
وعلى أية حال؛ فالأمر في هذا كله واسع كما رأيت، وننبه إلى أن ما أشرت إليه بقولك: الدعاء يكون معلقًا بين السماء والأرض ما لم أصلِّ على النبي صلي الله عليه وسلم ـ قد ورد نحوه في أثر موقوف على عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ بلفظ: إن الدعاء يكون بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى يُصَلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم. وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، وله حكم الرفع؛ لأن ذلك مما لا مجال للاجتهاد فيه.
والحديث يدل على استحباب الصلاة على الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع الدعاء، وليس شرطاً في قبوله، كما قدمنا.
والله أعلم.