الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالديون التي على الميت يجب إخراجها من تركته قبل قسمها؛ لقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:11}، كما يجب إخراج الزكاة الباقية في ذمة الميت من التركة قبل قسمها أيضًا, وكيفية إخراجها سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 125079.
وبالنسبة للوصية: فيجب تنفيذها إذا كانت في حدود ثلث التركة فأقل, وما زاد على الثلث فلا يمضى إلا برضا الورثة, وراجع في ذلك الفتوى رقم: 300835.
ثم إذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر، ولم يترك الميت وارثًا غيرهم؛ فإن للجد السدس -فرضًا- لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء:11}، والجد والد، ويأخذ نصيب الأب عند عدمه، كما تقدم في الفتوى رقم: 180493.
وللبنت النصف -فرضًا-؛ لقول الله تعالى في البنت الواحدة: وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ {النساء:11}.
وللأم السدس -فرضًا- لوجود بنت, ولتعدد الأخوات؛ قال الله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ {النساء: 11}.
وحمل الأم لا يرث, ولا تأثير له، وسواء كان ذكرًا أم أنثى أم هما معًا؛ فوجوده كالعدم.
وما بقي بعد أصحاب الفروض يأخذه ابن الابن -تعصيبًا-؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأَولَى رجل ذكر. متفق عليه.
وتقسم هذه التركة على ستة أسهم؛ للبنت النصف (ثلاثة أسهم), وللأم السدس (سهم واحد), وللجد السدس (سهم واحد), وبقي سهم واحد يأخذه ابن الابن تعصيبًا.
أما بقية قرابة الميت: فإنهم لا يرثون، ويشمل ذلك حمل زوجة ابن الميت, وكذلك حمل زوجة عم الميت.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جدًّا وشائك للغاية، ومن ثم؛ فلا يمكن الاكتفاء فيه، ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقًا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذن قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية -إذا كانت موجودة-، تحقيقًا لمصالح الأحياء، والأموات.
والله أعلم.