الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد أطلت أخي السائل في سرد سؤالك بما يمكن الاستغناء عنه بالخلاصة التي ذكرت فيها ما تريد أن تسأل عنه، ونحن نجيبك على ما في تلك الخلاصة فنقول إن المفتى به عندنا أن صاحب السلس مطالب بغسل النجاسة، فإن شق عليه ذلك وشق عليه تبديل العصابة في كل وقت صلى على حاله بعد الوضوء بعد دخول الوقت، وأما دليل وجوب غسل النجاسة إذا تكررت فهو كل الأدلة الدالة على إزالة النجاسة من بدن المصلي وثوبه وبدنه، كقول الله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ {المدثر: 4}.
والدليل الخاص بوجوب غسل النجاسة إذا تكرر خروجها ما في الصحيحين من حديث عَلِيٍّ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ رَجُلًا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَسَأَلَ فَقَالَ تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ.
فقوله: مَذَّاءً ـ أي كثير خروج المذي، ومع ذلك أمره بغسل الذكر لخروجه، ولم يقل له يكفيك أن تغسله مرة واحدة. والأصل وجوب إزالة النجاسة ولو تكررت، فمن ادعى أنه لا يلزم غسلها إذا تكررت فهو المطالب بإقامة الدليل على دعواه، وإلا فالأصل أنها كلما وُجِدَتْ غُسِلَتْ، ولكن إذا بلغ الأمر حد المشقة والحرج، فإن الأدلة الشرعية دالة على رفع الحرج والمشقة، فيرجى أنه لا يلزمه ذلك.
ودليل شد عصابة على مخرج النجاسة لمن به سلس حديث النبي صلى الله عليه وسلم: حين أمرَ حمنة بنت جحشٍ أن تتلجم وتستثفر بثوب حين كانت مستحاضة. والحديث صححه الترمذي، وحسنه البخاري.
فهذا صريح في بابه، وانظر الفتوى رقم: 114820، عن التساهل بترك التحفظ، والفتوى رقم: 152591، في ما يلزم من ابتلي بكثرة خروج الدم وتلوث ثيابه الداخلية.
والله أعلم.