الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن من أكثر ما يدخل الحيرة والاضطراب على المستفتي كثرة تنقله بين المفتين، فلا ينبغي له أن يفعل ذلك، بل يحرم مثل هذا التصرف إن كان لغرض الرخصة، كما سبق وأن بيّنّا في الفتوى رقم: 134759.
وفرض العامي سؤال أهل العلم؛ قال القرطبي: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه ويحتاج إليه: أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ. فحسبه إذا سأل من يثق به أن يأخذ بقوله؛ لأنه قد أدى ما عليه.
وحيثيات ما حدث وذكرته في سؤالك تتضمن أمورًا يرجع فيها إلى الزوج لمعرفة قصده عند تلفظه بالطلاق، فلا تفيد فتوانا في هذا الأمر، ولا نستطيع أن نتبين ما إذا كنت لا تزالين في عصمة زوجك أم أنك قد بنتِ منه.
فنصيحتنا: أن يراجع زوجك المحكمة الشرعية أو يشافه عالمًا موثوقًا به، فيحكي له بصدق حقيقة ما حدث ويعمل بفتواه، وإذا كنتم في السعودية فالعلماء هنالك متوافرون.
وننبه إلى خطورة أن يصل الشقاق بين الزوجين إلى هذا الحد، فإن من أهم مقاصد الإسلام في تشريع الزواج أن تكون الأسرة بيئة صالحة يجد الزوجان والأولاد فيها الاستقرار والسكن النفسي، كما قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}، وإنما يكون ذلك حين يسود بين الزوجين الاحترام المتبادل، ويؤدي كل منهما ما للآخر عليه من حقوق، وراجعي الفتوى رقم: 27662.
والله أعلم.