الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمراض التي يقال عنها معدية، لا تعدي بطبعها، بل الله هو الذي يجعلها سبباً لما ينتج عنها من الإصابة والانتقال، وقد يتخلف ذلك، ولذلك بيَّن العلماء المراد من الحديث، وأن المقصود نفي ما يعتقده أهل الجاهلية في العدوى؛ قال الحافظ ابن رجب في لطائف المعارف: وأظهر ما قيل في ذلك: أنه نفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن هذه الأمراض تعدي بطبعها من غير اعتقاد تقدير الله لذلك، ويدل على هذا قوله: فمن أعدى الأول؟ يشير إلى أن الأول، إنما جرب بقضاء الله وقدره فكذلك الثاني وما بعده... فأما نهيه صلى الله عليه وسلم عن إيراد الممرض على المصح، وأمره بالفرار من المجذوم، ونهيه عن الدخول إلى موضع الطاعون، فإنه من باب اجتناب الأسباب التي خلقها الله تعالى، وجعلها أسبابا للهلاك أو الأذى، والعبد مأمور باتقاء أسباب البلاء إذا كان في عافية منها، فكما أنه يؤمر أن لا يلقي نفسه في الماء، أو في النار أو يدخل تحت الهدم ونحوه مما جرت العادة بأنه يهلك، أو يؤذي فكذلك اجتناب مقاربة المريض كالمجذوم، أو القدوم على بلد الطاعون، فإن هذه كلها أسباب للمرض والتلف، والله تعالى هو خالق الأسباب ومسبباتها، لا خالق غيره ولا مقدر غيره. انتهى.
وانظر الفتويين التالية أرقامهما: 220075، 152925، وتوابعهما.
والله أعلم.