الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن أهل الجنة يتفاوت جمالهم بحسب درجاتهم، ومنازلهم، ففي الحديث عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين على إثرهم كأشد كوكب إضاءة. رواه البخاري، ومسلم.
وفي رواية لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أول زمرة يدخلون الجنة من أمتي على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد نجم في السماء إضاءة، ثم هم بعد ذلك منازل.
قال العراقي في طرح التثريب: ثم هم بعد ذلك منازل، أي إن درجاتهم في إشراق اللون متفاوتة بحسب علو درجاتهم، وتفاوت فضلهم. اهـ.
وفي منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري: معنى الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم يصف لنا أهل الجنة جميعًا بالحسن، والجمال، وأنهم يتفاوتون في ذلك حسب درجاتهم، وأعمالهم، فأول طائفة تدخل الجنة كالقمر ليلة الرابعٍ عشر حين تكمل استدارته، ويتم نوره، فيكون أكثر إشراقًا، وأعظم حسنًا، وبهاءً، وفي رواية: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر ـ أما الطائفة الثانية: فإنها تشبه في صورتها أقوى الكواكب نورًا، وضياءً. اهـ.
وجاء في الحديث أيضًا تشبيه جمالهم عمومًا بجمال يوسف، ففي الحديث عن المقدام ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من أحد يموت سقطًا، ولا هرمًا، وإنما الناس فيما بين ذلك، إلا بعث ابن ثلاث وثلاثين سنة، فإن كان من أهل الجنة كان على مسحة آدم، وصورة يوسف، وقلب أيوب، ومن كان من أهل النار عظموا وفخموا كالجبال. رواه البيهقي، وحسنه الألباني.
وأما عن شعور المؤمن بأن غيره أجمل منه: فلم نقف على نص فيه من نصوص الوحي، وقد ذكر العلامة الشيخ ابن عثيمين في تفسيره: أن من تمام النعيم لأهل الجنة أن كل واحد منهم لا يرى أن أحدًا أنعم منه، ومن تمام الشقاء لأهل النار أن كل واحد منهم لا يرى أحدًا أشد منه عذاًبا، ولكن هؤلاء، أهل الجنة، لا يرون أن أحدًا أنعم منهم؛ لأنهم لو رأوْا ذلك لتنغص نعيمهم حيث يتصورون أنهم أقل. اهـ.
والله أعلم.