الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالطمأنينة ركن من أركان الصلاة، التي لا تصح إلا بها، وقد بينا القدر الذي تحصل به الطمأنينة، في الفتوى رقم: 93192, فمن صلى صلاة لم يطمئن فيها، فصلاته باطلة, والواجب التوبة من ذلك، فالأمر ليس هينا.
جاء في كشاف القناع: قال صدر الوزراء عون الدين أبو المظفر يحيى بن هبيرة الشيباني البغدادي في قول حذيفة، وقد رأى رجلا لا يتم ركوعه ولا سجوده: "ما صليت، ولو متَّ، مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدا صلى الله عليه وسلم": فيه أن إنكار المنكر في مثل هذا، يغلظ له لفظ الإنكار، وفيه إشارة إلى تكفير تارك الصلاة، وإلى تغليظ الأمر في الصلاة؛ حتى أن (من أساء في صلاته، ولم يتم ركوعها، ولا سجودها) فإن (حكمه حكم تاركها) اهـ.
وتلزم إعادة الصلاة في الوقت، وأما ما مضى من الصلوات، فإن تركت الطمأنينة فيها تساهلا مع العلم بوجوبها، فإنه تلزمك إعادة تلك الصلوات، وإن كنت جاهلة- وهو ما قد يفهم من قولك: ولو أكن أعلم بضرورة ذلك- فقد اختلف الفقهاء في وجوب الإعادة، فذهب الجمهور إلى وجوب إعادتها، وذهب بعض العلماء إلى عدم الإعادة، وقد فصلنا ذلك في الفتويين: 114133, 185313.
وما قلناه في حكم ترك الطمأنينة، يقال في حكم الصلاة مع إسقاط بعض الحروف من الفاتحة بسبب السرعة، وبالأولى سقوط بعض الآيات؛ فإن قراءة الفاتحة بجميع حروفها، ركن لا تصح الصلاة إلا به؛ كما بينا بالفتوى رقم: 202303.
والله أعلم.